في منتهي اللطف هذه الجماعة التي تتحدث طول الوقت وكل ليلة في الندوات والأمسيات والبرامج الفضائية والصحف الخاصة فتنتقد الفساد المستشري في البلد ولا يعجبها الاقتصاد ولا التعليم وتهاجم الفوضي العارمة في كل شيء وتعرض صور العشوائيات والفقراء المعدمين ويتعرضون لتقصير الوزراء وانفصال الحكومة عن الناس، ثم فجأة يمتدحون الرئيس مبارك ويؤكدون أنه الرئيس الأعظم وأنه وحده أصلح من يترشح للرئاسة في دورة قادمة وأنه روح مصر ومصلحة مصر!
لكن منين البلد وضعه هباب ومنين رئيسه ممتاز وعظيم؟!
تيجي إزاي؟!
هل الرئيس مبارك رئيس بلد تاني غير الذي يهاجم هؤلاء أوضاعه المزرية ووضعه السفلي في قوائم دول العالم!
أليس الرئيس هو المسئول عن البلد واللي فيه؟!، فكيف إذا كان هناك هذا الفساد العارم، الذي يشكل عرضه وفضحه أكل عيش الإخوة الذين يتحدثون كأنهم ضمير الأمة ولا يكون الرئيس مسئولاً عنه ونسائله فيه ونحاسبه عليه؟
أما هذه الطريقة السقيمة الجبانة التي تعلمتها مصر منذ عشرات السنين أن تلف وتدور دون أن تقترب من الرأس الكبير، أن تنتقد وتهاجم لكن دون أن تضع أي مسئولية من أي نوع علي عاتق الرئيس، فهي التي تنهار بمصر إلي قاع الاستبداد والفساد، فالبلد الذي لا يمكن أن تضع المسئولية عما يجري فيه علي عاتق رئيسه يبقي بلدا للعبيد، فالعبيد وحدهم الذين لا يملكون تحميل سيدهم المسئولية.
في مصر العابدة لرئيسها تتعامل علي أنه لا يخطئ أبداً، والمشكلة دائماً في الشخصيات المحيطة به، هو عظيم ورائع ومثالي ونموذجي وعايز يصلح البلد ولا يرضي بالفساد أبداً ولا يحمي مقصراً أو متورطاً إطلاقاً، لكن المشكلة فقط في اللي حواليه!
وهي فرصة طيبة لأسأل: ومين إن شاء الله الذي اختار المحيطين به والإخوة اللي حواليه؟!
أنا!
أنت!
الشعب لا سمح الله!
بفرض أن الرئيس هو المصلح الأعظم والرئيس الوحيد في العالم غير المسئول عن انهيار بلده وتدهور مجتمعه في الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم والاقتصاد، وهو الرئيس الوحيد في الوجود الذي لا يمكن أن نحاسبه علي مياه الشرب الملوثة التي يشربها مواطنو شعبه ولا المحاصيل المروية بمياه المجاري ولا مزارع السمك في مياه الصرف الصحي التي يأكلها أبناء بلده، بفرض كل هذا، يبقي السؤال: ومن الذي اختار المحيطين بالرئيس؟
أليس اختياره لعاطف عبيد مسئوليته عما فعله عبيد؟!
أليست موافقته علي الخصخصة مسئوليته عن نهب القطاع العام؟!
أليست ثقته في إبراهيم سليمان مسئوليته عما ارتكبه سليمان؟!
أليس هو الذي اختار وعَيَّنَ وزراء بيزنس يتاجرون مع الدولة مخالفة للدستور مثلاً؟!
وغير هؤلاء كثيرون جداً وغير ذلك كثير جداً.
ويا جماعة بتوع البلد وحشة لكن الرئيس عظيم.. سمعونا صلاة النبي!!
