سواء كان اليوم أو لم يكن، هل سنعرف ماذا قال ويقول الرئيس مبارك لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو خلال اجتماعهما المشترك ولقائهما المنفرد؟
أبدًا.. لا الآن ولا بعد سنة ولا بعد تلاتين سنة؟
ما أنا متأكد منه أن الإسرائيلين سوف يعرفون تفاصيل ما جري وكل كلمة نطق بها مبارك لرئيس حكومة تل أبيب، ليه؟
لأن نتنياهو سوف يذهب لأول اجتماع لمجلس وزراء حكومته المصغر أو الموسع وسيقدم تقريرًا كاملاً تفصيليًا عن لقائه ومحضر اجتماعه بالرئيس مبارك، ولا أستبعد قطعًا وجود تكنولوجيا عالية التقنية تصاحب نتنياهو في مثل هذه الاجتماعات !
أما في مصر فلا أحد يعرف ماذا قال الرئيس، وما نصوص الاجتماع، وبماذا وعد مبارك وبماذا رد وكيف تكلم.
ليه؟
لأنه في بلدنا لا أحد علي ظهر الأرض يملك محاسبة الرئيس ولا مساءلته ولا حتي سؤاله عما قاله وفعله فيردونه عما يقول ويطلبون منه أن يقول كذا ويمتنع عن كذا ويتشدد في كذا ويرفض كذا!
أبدًا الرئيس في مصر يعمل ما بداله ..وبعدين يأتي صف الوزراء السكرتارية ومهمتهم تنفيذ ما قاله الرئيس ووعد به كأنه قرآن الله المنزل ووحي يومي منزه، والدليل أن الرئيس مبارك علي مدي ثلاثين عامًا لم نصادف فيها معلومة من أي نوع عن أي محضر اجتماع له ولم ينشر نص لقاء ولا تفاصيل حوار، حتي علي سبيل تمجيد ما قاله وتعظيم قوة وحزم موقفه، لكن كله بين الرئيس وضيفه!
أما الشعب فقد سلم الرئيس رقبته ليفعل بها ما يشاء يارب يقطعها هو حر، أما الوزراء والمحيطون بالرئيس فهم مجموعة من الموظفين طالبي الرضا والوظيفة ويعيشون علي نفاق وتمجيد الرئيس ويديرون حياتهم في القصر الرئاسي وخارجه علي طريقة كهنة فرعون (رغم أن الله لما أغرق فرعون قال: «فأغرقناه والذين معه»، ولم يخص فرعون وحده بالغرق ياكهنة يا ولاد الكهنة !)
طبعًا أنا لا أسأل عن لجان الشئون العربية والأمن القومي في البرلمان ومدي معرفتها ومتابعتها واطلاعها علي اجتماعات ومحاضر اجتماعات الرئيس، فهذه لجان ضمن مجالس مزورة، مهمتها الوحيدة التصفيق للرئيس والتغني بحكمته الرائعة ورؤيته الثاقبة وزعامته الدولية، وقطعًا لا أتكلم عن مجلس الوزراء الذي لا يملك أن ينطق بكلمة واحدة عما يفعله الرئيس مع إسرائيل أو غيرها، فهذا مجلس سكرتارية، مهمته أن يمشي وراء الرئيس ويتمني منه نظرة فابتسامة، وشرط بقاء أحدهم علي مقعده أن يتمتع بولاء مطلق وإخلاص نهائي ولو قال له الرئيس إرمي نفسك من بلكونة المجلس يادكتور فلان يرمي نِفَسٌ ه، فلا تتوقع من هؤلاء أن يسألوا الرئيس عما يفعل ويقول ويقرر في جلساته المنفردة واجتماعاته الخاصة!
المحصلة أن إسرائيل وأمريكا تعتبران مبارك أهم رئيس في الكون بالنسبة لهما !