سكت السيد جمال مبارك دهرا ونطق عسلا وفلا وياسمينا حول أحوال مصر. تحدث أمس في مؤتمر صحفي عن وطننا من الأسكندرية إلى أسوان الذي يراه هو وحزبه ولا يراه العُمي من أمثالنا.. فنحن صُم عُمي عن الانجازات التي نقلت بلادنا إلى واحة العالم الأول وسهوله الغضة وحرياته وحقوق الإنسان فيه!
معدلات الفقر وصلت إلى أدنى مستوياتها. القرى عندنا صارت نموذجا للتحضر والرقي والرفاهية. الناس تتغدى وتتعشى وتفطر بعد أن كانت أيام الفيضان تأكل "الحارة" من الخيران!
طبعا لا يعرف جمال "الحارة" ولا "الخيران". عقب فيضان النيل الذي كان يغرق الأراضي الزراعية قبل السد العالي، تصير الأرض منخفضات ومرتفعات من الطمي اللذيذ المكتسي بالخضرة وبنبات رباني يشبه "السبانخ" وله نِفَسٌ الطعم، يجنيه الفلاحون مجانا ويأكلونه.
الآن السبانخ في عهد مبارك الابن الميمون لا يستطيع أن يأكلها الفقير الذي تباهى في مؤتمره الصحفي أمس بأنه صار مترفا غنيا يأتيه مال الضمان الاجتماعي بلا حدود، ويأكل من بطاقته التموينية ما لذ وطاب من السكر والشاي والدقيق الفينو المفتخر بعد أن كان يأكل أيام زمان "الشعير"!
لا أعرف من أين تأتي لجمال هذه الأخبار. يقول إنه نزل الشوارع وذهب للقرى فرأى ما رآه. 4 ملايين وظيفة وفرها. أين ذهبت هذه الوظائف. البعض يقول إن جمال أصبح كحمامنا زمان عندما نكتشف أنه بدلا من أن يأكل القمح من الغيط المجاور، سافر إلى اليمن ليأكل البن!
أي والله.. كنا نذبح الحمامة فنجد في بطنها البن.. ويخرج فينا من يفتي بعد أن يصيح فرحاً.. لقد جاءت من رحلة في اليمن!
لكن أين سافر جمال ورأي هذا الترف والبغددة. لا يمكن أن يكون طبعا قد ذهب إلى اليمن السعيد اقتفاء بأثر الحمامة فلا اليمن بات سعيدا ولا الطرق آمنة إلى هناك ولا داخلها!
إذاً نحن الذين نغط في نوم عميق فلا نرى ثورة التحديث التي يقودها الابن. لم نعد نركب الأتوبيسات الفاضية ولا القطارات المريحة ولا نأكل من الخير الوفير ولا نتعالج من الضمان الصحي الذي غطى مصر كلها ببطانيته الواسعة الناعمة!
وكما يقول الفنان مصطفى حسين: جتنا نيلة في حظنا الهباب..!