أيهما أفظع.. ما فعلته اسرائيل ضد نشطاء أسطول الحرية، أم ما فعلته شرطة الأسكندرية مع المواطن خالد محمد سعيد من تعذيب أفضى إلى القتل؟!
السؤال ليس محرجا بقدر ما هو كارثي، فالمقارنة بين الفعلين تشير إلى أن شرطة الأسكندرية ارتكبت في وضح النهار فعلا فاجرا مجرما قذرا.. وسمه بكل ما تجده من ألفاظ قبيحة عجزت عن الإتيان بها لوصف ضرب مواطن يقال عنه إنه حسن السمعة، وحتى لو كان مجرما فمن غير المقبول أن يعذب حتى الاحتضار ثم يؤخذ إلى قسم سيدي جابر كأن حضرات الضباط لا يكفيهم إلا أن يسلموه يدا بيد إلى عزرائيل.. استغفر الله العظيم من الخطأ!
بدلا من أن تعلن وزارة الداخلية تحويل القتلة المجرمين ممن يفترض فيهم حماية الأمن وصون حياة الناس، انهمكت في التكذيب والتضليل والفبركة والاتيان بشهود من أرباب السوابق ليقولوا كذبا وبهتانا أنه ابتلع لفافة مخدرات سدت قصبته الهوائية!
لا تسألوا عن تقرير الطبيب الشرعي.. فعندما يحكم الجبابرة ويعذبون البشر حتى الموت بدم بارد ويسألونه حيا وميتا في قسم الشرطة ثم يلقون جثته في الشارع بعد أن امتنعوا عن إسعافه.. فأي طبيب شرعي يمكنه أن يتجرأ ويتشجع ليقول الحقيقة!
الحال لا يقل فظاعة عن المذبحة الإسرائيلية لنشطاء أسطول الحرية.. الفرق أن هذه جريمة محلية لم تلفت سوى نظر منظمات المجتمع المدني المصرية ومنظمة العفو الدولية.
قتل مواطن برئ والتحايل للهروب من المسئولية كأن القتلة منزلون من السماء، كارثة لا تحتمل، خصوصا أن المواطنين في بحري "غلابة" يخشون إن اعترضوا أو اشتكوا أن ينكل بهم أيضا حتى يلفظوا أنفاسهم الأخيرة فيلحقوا بخالد سعيد عليه رٌحًمِة الله!
إذا كانت وزارة الداخلية تضلل الرأي العام وترفض محاسبة القتلة السفاحين، فلا أقل من رفع الموضوع إلى المحكمة الجنائية الدولية، ليكون بين يدي القاضي الدولي الشهير لويس مورينو أكامبو الذي خرج قبل يومين ليطالب مجلس الأمن بالضغط من أجل أن يقوم السودان بتسليم وزير داخليته السابق أحمد هارون بعد أن تم توجيه الاتهام إليه عام 2007 لمسئوليته عن جرائم بحق المواطنين في دارفور.
النظام في مصر ليس مخيرا في هذه اللحظات، لكنه مجبر على أن يغسل وجهه باقالة وزير داخليته الذي شهد عهده أكبر عدد من الانتهاكات لحقوق الإنسان من تعذيب وقتل وخطف واختفاء نهائي وتعدي على الأعراض!
ليس هذا فقط بل محاكمته بدلا من أن يستلمه أوكامبو في يوم من الأيام أو يطالب مجلس الأمن به!