الانتخابات التى انتهت بالأمس جولتها الأولى جاءت مطابقة للتوقعات والتصورات، وما هى التوقعات والتصورات؟. أن يفوز الحزب الوطنى بأغلبية المقاعد، وقد كان. وأن تتبقى للمعارضة والمستقلين بعض المقاعد، لكن الانتخابات تمت بمساحة هائلة من التقفيل والتسويد، وسبقتها مؤشرات بعنف واسع ومعارك دامية. وهو ما أثر على نسبة التصويت والحضور للناخبين، ولم يذهب أكثر من الربع على أفضل تقدير، بينما بعض التقديرات تخفض النسبة إلى 10% أو أقل. ومع هذا فإن نتائج الجولة الأولى وعدد الدوائر التى تجرى فيها الإعادة تؤكد أن التقفيل وتجارة الأصوات كانت لها الغلبة.
قالوا إنه تقفيل شعبى وليس رسميا وأن ما جرى من ضرب وإرهاب وبلطجة كان تطوعيا ومجاملة من البلطجية للمرشحين، ويقولون إن التقفيل والتزوير من المنبع تم بسبب رغبات المرشحين والصراعات القبلية والعائلية، وليس لإرادة حكومية أو حزبية، ويتفاخرون أن العنف هذه المرة أقل من المرات السابقة. وأن شراء الأصوات والرشاوى الانتخابية تأتى فى معدلاتها فى مثل هذا الوقت من العام. وكانت الصور والتسجيلات كلها تشير إلى أن عمليات التقفيل للصناديق والتسويد للبطاقات تتم علنا وبلا أى خوف أو تردد.
كل هذا يثبت لنا أن أحدا لم تعد تثيره أو تدهشه كل هذه الجرأة على التقفيل والتزوير، ويتباهون فى الحزب الوطنى أن العنف أقل بدليل عدد أقل من القتلى والجرحى وانخفاض ملحوظ فى عدد العاهات المستديمة.
صحيح أن البلطجية والمسجلين كانوا يقومون بدورهم بشكل احترافى يؤكد التزوير المنهجى، لكن التزوير والتقفيل تجاوز المستهدف فى بعض الدوائر، وشكل فائضا يكفى للاستهلاك المحلى والتصدير. وجرى بشكل ابتكارى واختيارى من المرشحين وعائلاتهم وبلطجيتهم.
الانتخابات السابقة والحالية منحت البلطجة وتجارة الاصوات شرعية عرفية، ربما تتحول إلى شرعية قانونية، وصكا شرعيا لا أحد يستنكرها أو يشعر نحوها بالغضب.
الحزب الوطنى والحكومة لا يشعرون بوخز الضمير، ويتصور أن الطبيعى أن مقاعد البرلمان تخطف وتباع وتشترى ، وأن نوابه وممثليه يخوضون الانتخابات بالأسلحة البيضاء والحمراء والزرقاء.
هذه المرة أن التقفيل والتلاعب تم علنا وتجاوز المعايير وبدا كأن مرشحى الوطنى يزورون فى آخر زادهم. اختفت البرامج هذه المرة وحلت الأموال والسنج. حتى لو كانت شعبية أو قبلية وليست رسمية، فإنها تعلن عن برلمان مثل كروت الشحن وأعضاء هيئة تشريعية جاءوا بشكل غير شرعى.
وهؤلاء هم الذين يفترض أن يسنوا القوانين ويمارسون الرقابة على أعمال الحكومة، وهم لم يفعلوا ولن يفعلوا لأنهم اختطفوا الأصوات أو سرقوها أو اشتروها. نظام الانتخابات نِفَسٌ ه، بالطريقة الفردية، لا يمكن أن يفرز أفضل من هذا. برلمان بالتقفيل العلنى المباشر.