فضيلة المحدث محمد بن ناصر الدين الألباني : الرد على أهل البدع لا يجوز إلا من كان عالمًا بالسنة من جهة ، والبدعة من جهة أخرى ، لعلكم تذكرون معي حديث حذيفة بن اليمان في " الصحيحين " حين قال : ( كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه ) وهذا كما قال الشاعر :
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ... ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
فمن
كان عالمًا بالخير والشر كحذيفة بن اليمان ، وكان بالتالي في هذا الزمان
عارفًا بالسنة ، فيتبعها ويحض الناس عليها ، وعالمًا بالبدعة فيجتنبها
ويحذر الناس منها ، هذا الشخص هو الذي يجوز له أن يجادل أهل البدعة أو
المبتدعة .
أما
أن يفعل كما يفعل بعض إخواننا الذين لم يؤتوا من العلم إلا حظًا قليلاً ،
ثم يدخلون في مجادلة من هم أقوى منهم علمًا ، ولو كان هذا العلم مشوبًا
بكثير من البدعة أو علم الكلام -كما قلنا آنفًا - فهؤلاء ننصحهم أن ينطووا
على أنفسهم ، وأن يعتزلوا المبتدعة ، وألا يجادلوهم ؛ لأنهم سيتأثرون
بشبهاتهم ، كمثل ذاك السؤال الذي سمعتم في أول الجلسة ، وسمعتم الرد عليه ،
أنهم يصغون لكل ناعق ولكل صائح ، فتتعلق الشبهة في ذهن السامع ؛ حتى يتيسر
له عالم يتمكن من إزالة هذه الشبهة من نفسه .
لذلك
تكاثرت النصوص عن سلفنا الصالح من العلماء ، كمالك وأحمد وغيرهم ، أنهم
كانوا يحذرون الناس كل التحذير من الجلوس مع أهل البدع ؛ بل وكانوا
يأمرونهم بمقاطعتهم ؛ خشية أن يتسرب شيء من شبهاتهم إلى نفوسهم . فهذا -
أظن - جواب ما سألت ، والأجر للجميع - إن شاء الله - ما دمنا مخلصين
وقاصدين - أولاً - العلم النافع المستقى من كتاب الله ومن سنة رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - ، وعلى منهج السلف الصالح ، ثم قاصدين - أيضًا - أن
نعمل بما تعلمنا ، ثم بعد ذلك نسأل الله - عز وجل - أن يزيدنا وإياكم علمًا