القلوب . أنواع القلوب . سـبـحـان الـذي جـعـل كـلامـه شـفـاء لِـمَـا فـي الـصـدور الـتـبـصِـرة هـي وسـيـلـة الـبـصَـر ، والـتـذكـرة هـي وسـيـلـة الـذكْـر قـرَن الله بـيـنـهـمـا وجـعـلـهـمـا لأهـل الإنـابـة لأن الـعـبـد إذا أنـاب إلـى الله أبـصـر مـواقـع الآيـات والـعـبـر فـاسـتـدل بـهـا عـلـى مـا هـي آيـات لـه فـزال عـنـه الإعـراض بـالإنـابـة والـعـمـى بـالـتـبـصـرة والـغـفـلـة بـالـتـذكـر لأن الـتـبـصـرة تـجـعـل فـي الـقـلـب صـورة الـدلـيـل بـعـد غـفـلـتـه عـنـه قـال الله تـعـالـى { إِنَّ فِي ذَلِـكَ لَـذِكْـرَى لِـمَـنْ كَـانَ لَهُ قَـلْـبٌ أَوْ أَلْـقَـى الـسَّـمْـعَ وَهُـوَ شَـهِـيـدٌ ..... ق : 37 } ولـهـذا كـانـت قـلـوب الـنـاس ، عـلـى ثـلاثـة أنـواع الأول رجـل قـلـبـه مـيـت وهـذا لا قـلـب لـه ، فـلـيـس لـه حـظ فـي هـذه الآيـة ولا نـصـيـب فـهـو بـمـنـزلـة الأعـمـى الـذي لا يُـبـصـر الـثـانـي رجـل قـلـبـه حـي لـكـنـه غـيـر مـسـتـعـد لـكـنـه لا يـسـمـع آيـات الله مـع وصـولـهـا إلـيـه لأن قـلـبـه مـشـغـول بـأمـر آخـر فـهـو غـائـب الـقـلـب ، لـيـس حـاضـرا ، فـلا يـحـصـل لـه الـتـذكـر حـتى يـتـفـكـر فـي آيـات الله فـهـو بـمـنـزلـة الـبـصـيـر الـذي يـرمـي بـبـصـره إلـى غـيـر الـجـهـة الـمـراد لـه الـنـظـر إلـيـهـا فـهـو لا يـرى مـا يُـراد لـه الـنـظـر إلـيـه ، فـمَـثـلـه مـثـل الأول الـثـالـث رجـل قـلـبـه حـي ومـسـتـعـد تــُـلِـيـَـت عـلـيـه آيـات الله ، فـأصـغـى بـسـمـعـه ، وألـقـى الـسـمـع وأحـضـر قـلـبـه ولـم يـشـغـلـه شـيء عـن فـهـم مـا يـسـمـع ، فـهـو شـاهـد الـقـلـب ، مُـلـْـق ٍ بـسـمـعـه فـهـو يـنـتـفـع بـالآيـات الـمـتـلـوّة والـمـشـهـودة فـهـو بـمـنـزلـة الـبـصـيـر الـذي يُـحـدّق بـبـصـره إلـى مـا يُـراد لـه الـنـظـر إلـيـه مـن الـنـاس مـن يـكـون لـه قـلـب وقــَّـاد يـسـتـخـرج الـعِـبـَـر ويـسـتـنـبـط الـحِـكَـم فـهـو يـتـذكـر ويـعـتـبـر ، فـإذا سـمـع الآيـات كـانـت لـه نـورا عـلـى نـور إذا سـمـع الآيـات وفـي قـلـبـه نـور مـن الـبـصـيـرة ازداد بـهـا نـورًا عـلـى نـور وهـذا الـنـوع مـن الـنـاس هـم أكـمـل خـلـق الله وأعـظـمـهـم إيـمـانـا وبـصـيـرة حـتـى كـأن الـذي أخـبـر بـه الـرسـول صلى الله عـلـيـه وسـلـم مُـشـاهـدًا لـهـم وإن لـم يـروا تـفـاصـيـل مـا أخـبـر بـه صلى الله عـلـيـه وسـلـم مـثـلـهـم مـثـل حـال الـصـدّيـق مـع رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـصـدّق مـا أخـبـر بـه وإن لـم يـشـاهـد تـفـاصـيـل الـخـبـر وهـذا حـالـه مـع الـنـبـي صلى الله عـلـيـه وسـلـم كـمـثـل رجـلـيـن دخـلا دارا ، فـرأى أحـدهـمـا تـفـاصـيـل مـا فـيـه وجـمـيـع أجـزائـه والـثـانـي شـاهـد الـدار ولـم يـشـاهـد تـفـاصـيـلـه وأجـزائـه ، ولـكـن عـلـم أن فـيـه أشـيـاء عـظيـمـة ولـم يُـدرك بـصـره تـفـاصـيـلـه ، فـخـرجـا مـن الـدار ، فـسـأل الـثـانـي الأول عـمَّـا رأى فـي الـدار ؟ فـكـلـمـا أخـبـره الأول بـشـيء صـدّقـه ، لِـمَـا عـنـده مـن الـشـواهـد ، وهـذه أعـلـى درجـات الـصـديـقـيـة وهـذا الإيـمـان يَـمُـن بـه الله عـلـى عـبـيـد مـن عـبـيـده فـهـو الـمـنـان وفـضـل الله لا يـدخـل تـحـت حـصـر أو حـسـبـان وأهـل الـجـنـة مـنـهـم الـسـابـقـون الـمـقـربـون ، ومـنـهـم أصـحـاب الـيـمـيـن وبـيـنـهـم مـن درجـات الـتـفـضـيـل مـا بـيـنـهـم قـال الله تـعـالـى { وَيَـرَى الَّـذِيـنَ أُوتُـوا الْـعِـلْـمَ الَّـذِي أُنْـزِلَ إِلَـيْـكَ مِـنْ رَبِّـكَ هُـوَ الْـحَـقَّ وَيَـهْـدِي إِلَـى صِـرَاطِ الْـعَـزِيـزِ الْـحَـمِـيـدِ ... سـبـأ : 6 } كـل مـسـلـم يـرى هـذا ولـكـن رؤيـة أهـل الـعـلـم والإيـمـان لـه لـون ، ورؤيـة غـيـرهـم لـه لـون آخـر م/ن