الشام شامك لو الزمن ضامك Admin
رقم العضوية : 1 عدد المشاركات : 1507 نقاط : 4004 التقيم : 13 تاريخ الميلاد : 20/07/1990 تاريخ التسجيل : 26/05/2011 العمر : 34
| موضوع: سوريا: «لم يُقتل فينا إلا الخوف» * د. خالد الحروب- كامبردج- بريطانيا الثلاثاء يوليو 12, 2011 12:11 pm | |
| <TABLE dir=rtl cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0>
<TR> <td align=right width="95%">سوريا: «لم يُقتل فينا إلا الخوف» * د. خالد الحروب- كامبردج- بريطانيا </TD></TR></TABLE> | <TABLE width=10 align=left border=0>
<TR> <td align=middle></TD></TR></TABLE>كلما اوغل النظام السوري في قتل شعبه اكتشف انه لا يقتل إلا شيئا واحدا: الخوف. ذلك ما قالته إحدى اروع يافطات الثورة السورية إذ حملت التعبير العبقري والمرعب للنظام وجلاديه: "لم يُقتل فينا إلا الخوف". يستحق من صاغ هذا الشعار احد اوسمة الإبداع الذي انتجته الثورات العربية. تتناثر اليوم تحت اقدام احرار المدن السورية اكثر من اربعة عقود من صناعة وتصنيع الخوف ودسه في الطعام والشراب, ودب الرعب في قلوب الناس. يتهاوى هرم الترهيب والتجسس الذي اراد ترويض الافراد وقمع إرادتهم وروحهم. يقتل النظام الوف الناس ويعتقل اولوفا آخرين ويهجر غيرهم, لكن شعلة الحرية تزداد بريقا وإغواءً امام روح الشام التي انطلقت كما كانت دوما, وما عاد لها ان تهدأ. كلما استنفر النظام وسائله التقليدية في القمع والتنكيل زادت تلك الروح من تحديها له وتعاظمت تحررا. سوريا الثائرة الآن تقدم دليلا إضافيا على المعجزات التي تجترحها الشعوب ضد الطغاة: تعيد توكيد الدرس الإنساني البليغ بأن الحرية والكرامة هما جواهر الوجود البشري وان الناس وإن تسكت حينا فإنها تنتفض في كل الأحايين.
ثورة سوريا هي ايقونة ثورات العرب, اصعبها طريقا, واكثرها تحديات, واشدها جسارة وكسرا لكل قيود الخوف. ليس هذا تقليلا من نقاء وروعة كل ثورة من الثورات العربية فكل منها ابدع عبقريته الخاصة به ووفق ظروف البلد الخاصة من تونس إلى مصر إلى ليبيا والبحرين. بيد أن مستوى البطش الدموي الذي نشهده يوميا على يد نظام الاسد يتحدى كل صنوف البطش والقمع التي تعرضت لها الثورات الاخرى. البطش هذا, وعلى حساب كل شيء آخر, هو كل ما استطاعت إستيلاده دولة المخابرات على مدار اربعة عقود. في تلك السنين الطويلة أريد استزراع الخوف والرعب في قلب كل فرد من افراد الشعب, ليس فقط داخل سوريا بل وخارجها ايضا حيث امتد اخطبوط التجسس والامن والملاحقة. حوصرت أماني الناس وتطلعاتهم وتم التجسس على حركاتهم, وافكارهم, وعلاقاتهم, وكل شيء فيهم حتى احلامهم. انتزعت الثقة من المجتمع الذي اخترقته اجهزة الامن والتخابر فلم يعد احد يأمن حتى لشقيقه. هؤلاء الذين كانوا يتجرأون على الاقتراب من الخطوط الحمر ويقتربون من المطالبة بالحرية والكرامة كانت تبتلعهم السجون على الفور. يقضون فيها زهرات شبابهم ولا احد من اهاليهم يعرف مآلهم ولا حتى يجرؤ على السؤال عن مصيرهم. قوائم المفقودين الامنيين في سوريا ربما هي الاطول في العالم, وكثير من اولئك ما كان لهم حتى ادنى اهتمام بالسياسة, بل قادهم حظهم السيء إلى السجن لسبب تافه قد يكون رفض تقديم رشوة لضابط امن او مماحكة لفظية عادية مع رجل مخابرات لم يفصح عن هويته واراد ممارسة تفاهاته بهذا الشكل او ذاك. تسمم هواء سوريا ومدنها بالتجسس على الناس وتحولت البلد إلى مزرعة خاصة بالعائلة الحاكمة ومن صاهرهم واقترب منهم. في كل مجال من مجالات الحياة والتنمية صارت سوريا مخيفة وقاتمة, افرغها النظام القائم من بهائها وطاقتها واندفاعة شعبها وبريق مدنها واسمائها التي تسحر وجدان العرب وتاريخهم. تحولت سوريا إلى سجن كبير يتراكم فيه عفن القمع وتوحش الاستبداد, ويأس الكثيرين من التغيير. ماتت اجيال وولدت اجيال وهي لا تعرف في افق البلد والمجتمع إلا شعارات تمجيد الحزب الواحد والرئيس الواحد. وعندما غاب الرئيس الواحد اوغل النظام في احتقار الشعب جملة واحدة إذ تغير الدستور في لحظات واعيدت هندسته لتسمح بتوريث البلد, كإقطاعية او شركة خاصة, إلى الإبن الذي لم يُعد اصلا للحكم. كأن سوريا الغنية بكل شيء, بتاريخها, بجغرافيتها, بعراقتها, بفكرها, بأسبقيتها حواضر البشر وجودا, بأعلامها, بتجارها, بكل ما هو معطاء وثري فيها, كأنها تحولت إلى عاقر لا يمكنها توليد احد سوى ابن الرئيس.
بالتوازي مع مسلسل إهانات الشعب واحتقاره كان مصدر الاعتياش الوحيد الذي يستمد منه النظام اسباب بقائه هو خرافة المقاومة والممانعة ومواجهة اسرائيل. خدعت هذه كثيرين على وجه التأكيد ووظفها النظام بدهاء لا يمكن إنكاره. لكن جاء الوقت الذي جف فيه ذلك المصدر وما عاد يمنح مسوغات البقاء كما السابق. جاء الوقت الذي يعلن فيه احد اهم بطانات النظام والمنتفعين منه ان استقرار سوريا (الاسد) يعني استقرار إسرائيل. قال للعالم بالفم الملآن وبكل صلافة وغرور واحتقار لجمهور الممانعين والمقاومين الذي ارادوا ان يصدقوا اكاذيب النظام عليكم ان تحموا نظام الابن كما حميتم نظام الاب إن اردتم أمنا واستقرارا لإسرائيل.
جاء الوقت الذي التقى فيه جفاف مصدر الاكاذيب مع بلوغ مسلسل الاحتقار والإهانات مداه الاقصى. في تلك النقطة بالضبط كانت روح الكواكبي الثائرة بالانتظار. كانت قد قضت عقودا وهي تتألم وتموت في اليوم الف مرة. ثائر حلب وروحها المنطلقة الذي مات شابا في اوائل الاربعينات وفي ذروة عطائه كانت روحه تطوف على مدن الشام تحزن قليلا لكن لا تتحسر بل تتوعد. في لحظة نهاية أشياء وبداية اخرى تسقط جدران الخزان الذي اقلق غسان كنفاني ومات حانقا عليه, كيف لا يخلعه من يُسجن بداخله ولو دقا بقبضاتهم. اليوم مدن الشام طولا وعرضا كما هي مدن عديدة في بلاد العرب من المحيط إلى الخليج تصدح فيها قبضات عشاق الحرية دقا على جدران سجونهم التي تنهار واحدا إثر الآخر. عرائس الحرية والكرامة تتمايل اختيالا في افق قريب تناغي الشهداء العظماء الذي سقطوا ويسقطون كل يوم. اقسموا لعرائسهم بأن تاريخا جديدا بدأ يكتب في المنطقة بمداد الانتفاض على الطغاة. في ظل يافطة عبقرية احفاد الكواكبي يردد هؤلاء الشجعان: "لم يُقتل فينا إلا الخوف".
|
| |
|
طريق التطوير عضو جديد
عدد المشاركات : 20 نقاط : 30 التقيم : 0 تاريخ الميلاد : 19/07/0192 تاريخ التسجيل : 12/07/2011 العمر : 1832
| موضوع: رد: سوريا: «لم يُقتل فينا إلا الخوف» * د. خالد الحروب- كامبردج- بريطانيا الثلاثاء يوليو 12, 2011 2:49 pm | |
| شكرآ لك ع الموضوع الرائع بانتضار جديد ابداعك | |
|