يصبح الطفل بعمر سنه ونصف قادرآ على
التقليد ( المؤجل ) وهو عكس التقليد المباشر وهذا يعنى أن الطفل يقلد شيئآ
ما بعد مرور وقت من رؤية الشئ أو النوذج وهذا يدل على أن ذاكرة الطفل قد
تطورت وأصبحت تعمل بشكل جيد فالتقليد المتأخر جعل للصغير القدره على تذكر
الحوادث التى مر بها ويعمل على تكرارها من أجل إستيعابها ويتحول بذلك من
مقلد بسيط إلى مبتكر يقلد على طريقته الخاصة ويحدثنا ( بيير - مارى بود
وميير )الباحث فى علم النفس أن لعبة التقليد البسيطة يمزجها صغيرنا
بالتظاهر فى محاكاتنا ولم يعد يحتاج إلى لوازم تساعدة على التقليد
وأضحى الآن مخرجى وممثلا ومنساقآ للديكور فقطعة الخشب تصبح سيفآ والمقعد
الصغير يتحول إلى حصان ولم تعد الأشياء جامدة فى أماكنها وأصبحت لها عدة
إستعمالات وذلك حسب الحاجة . حينما يقترب صغيرنا من السنتين لم يعد يحتاج
إلى أدوات وأشياء ليطلق عنان خياله وأفلامة .
إننا حينما نمد يدآ فارغة لطفل فى
الثانية من عمره ونتظاهر فى نفس الوقت بأكل الحلوى فغنه يقلدنا ويتظاهر
بأخذ الحلوى ويأكلها مع إبتسامة وإذا أعدنا التجربة مع طفل أكبر عمرآ فإننا
نجد أن الحيرة تظهر على وجهه من تصرف ذلك الشخص البالغ أمامة ويفتش عن
الحلوى فى يده الفارغة .
يصبح التقليد المباشر الوسيلة المفضلة
للتصال بين الرفقاء الذين لهم العمر نفسه وعندما يقوم طفلان بنفس الشئ فى
وقت واحد فإن ذلك يدل على حدوث تفاهم بينهما وعلينا أن نوفر الأدوات ذاتها
لكل واحد منهما وهذا هام وضرورى لأن اى فرق فى وجود الأدوات لديهما يشل
حوارهما وعندما يحاول أخذ نفس اللعبة من أيدى الآخرين فإن هذا ليس بدافع
الأنانية وإنما محاولة لإيجاد حوار مع الأخرين !
إن الطفل يقلد حتى يقتنع بشخصيته
ويثمنها ويظل يلعب فى سن الثانية مع أقرانه ويقلدهم ويحاكيهم بشكل أساسى
وحينما تنظر إلى القائمة ألعابة نجد فيها السيارات الصغيرة وأدوات الكتابة
والطائرات والسفن ومحتويات المنزل . هذه الألعاب تعكس حياتنا اليومية مقدار
إعجاب وفضول الصغار بعالم الكبار .
يفضل الطفل الصغير تقليد أمه حتى عمر
أربع سنوات ويعشق الصبى الذى له نفس العمر تقليد أبيه بشكل أكبر من تقليد
أمه وتحاول البنت أن تشعرنا بأنوثتها وهذا طبيعى ففى هذا العمر نلاحظ أن
الأطفال الصغار يحاولون إظهار شخصياتهم الجنسية ولا داعى للقلق إذا قلد
الصبى أمه بين الحين والآخر فوالده هما النموذجان المفضل له تقليدهما .
ومع وصول الطفل إلى سن 5- 6 سنوات فإنه
يبدأ بإتخاذ نموذج له من بين أقرانه الأكبر سنآ كما يتحول بإعجابة من
والدية إلى إخواته الأكبر سنآ منه ومع تقدمه فى العمر فإنه يفتش عن قدوة
مناسبة له ومتلائمة مع شخصية ومع هذا التقليد المستمر سيولد شخص صغير جديد نفخر به ويفخر بنا إذا أحسنا رعايته وتربيته .