بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ
السَّلَامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه
**
عِنْدَمَا سَكَنَ المَكَانُ وَهَدَأ ، أَزَالت الغِطَاءَ ، وَوَضَعَتْ قَدَمَهَا بِحَذرٍ عَلَى الأَرْضِ
أَخَذَتْ تَفْتَحُ النَّافِذَةَ بِبُطْءٍ ،مَشْدُودَةَ الأَعْصَابِ ، قَلْبُهَا يَخْفِقُ بِشِدَّةٍ، وَهي تُحَدِّقُ بِالبَابِ
نَجَحَتْ وَلَمْ يَسْتَيْقِظ أَحَدٌ ..!
،
رَفَعَتْ بَصَرَهَا إِلَى السَّمَـاءِ ، وَقَالَتْ هَامِسَةً :
" أَخْبرْنِي! ..أخْبرْني أَيُّهَا القَمَرُ ، مَاذَا تَقُولُ لَكَ شَقيقَتِي ؟! عَنْ مَاذا تُحَدّثُك؟!
مَـاذَا تَسْأَلُك؟! كَيْفَ تَعْرِفُ كُلَّ شَيْءٍعَنْهَا ؟! لَقَدْ قَالتْ لِي ذلِك ! "
هَبَّتْ نَسْمَةٌ بَارِدَةٌ ، حَرَّكَتْ خصْلَاتهَا السَّوْدَاء ..
نَظَرَتْ إِلَى القَمَرِ طَوِيلاً ، ثُمّ قَالتْ " لِمَ لَاتُجِيبُ ؟! .. شَقيقَتِي تَقُولُ أَنَّها تَسْأَلُ وَيُجيبُ ،وَيُسْعدُهَا ، وَيُفَرّجُ عَنْهَا .. إِنَّهَا لَاتَقْصِدُ سوَاك أَيُّهَا القَمرُ، لِأنّها تَسْتيْقِظُ لَيْلاً وَتسْأَلُ ،هيَ قَالتْ ذلِك ! ،وَرُبَّمَا لِذلِكَ دَائِماً أَرَاهَا سَعيدَةً وَراضِيَةً مَهْمَا حَدَثْ ..
لَمْ يُجِبِ القَمَرُ ، بَلْ ظَلّ صَامِتاً وَسَطَ الظُّلْمَةِ !
وَاصَلتْ بِغَضَبٍ : " أَنَا لَا أحْتَاجُكَ ، أَنْتَ تُحبُّ شَقيقَتِي فَقَطْ " ..!
،
قَبْلَ أَنْ تَيْأَسَ وَتعُود لِلسَّريرِ ..
مَشَتْ بِحَذرٍ كَاتِمَةً أَنْفَاسهَا ،وَصَلتْ لِغُرْفَةِ شَقيقَتِهَا ، كَانَ البَابُ نصْفَ مَفْتُوحٍ لِحُسْنِ حَظِّهَا ..
اخْتَلَسَتْ نَظْرَةً ، وَضَعتْ يَدَهَا عَلَى فَمِهَا ، ثُمّ عَادتْ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعهَا ..!
،
- أَيُّهَا القَمَرُ ، أَنَا آسِفَةٌ !!
هِيَ لَمْ تَكُنْ تُحَدِّثُكَ ، وَلَا تَشْكُو إِلَيْكَ ، وَلَا تَسْأَلُكَ ..
لَمْ تَكُنْ تَسْتَيْقِظُ لَيْلاً لِأَجْلِكَ ، وَلَا تَبْكي مَعَك أوْ لَك ..!
لَمْ يُوقِظُهَا الشَّوْقُ إِلَيْكَ ، وَلَا حُبُّك ..
لَسْتَ أَنْتَ مَنْ يَعْلَمُ كُلّ شَيْءٍ عَنْهَا .. !
خَتمتْ حَديثَها بِابْتِسَامَةً ، ثُمّ جَرتْ بِسُرْعَةٍ يَقُودُها الشَّوْقُ وَالحُبّ
تَوضّأتْ ، وَافْترَشتِ السّجَادَةَ ، وَهمّتْ لِتُصَلّي ..}