الشهيدة المناضلة
الشهيدة المناضلة
عايدة عبد الكريم الركابي
والسم القاتل في السجن
الشهيدة عايدة عبد الكريم مناضلة قومية ناصرية تنحدر من اسرة عربية عريقة حملت هموم الوطن العراقي والحلم العربي بالوحدة .
الشهيدة عايدة عبدالكريم هي إبنة شقيقة المناضل العراقي الكبير والرمز القومي المرحوم فؤاد الركابي .
محامية وقانونية متمرسة واعية لدورها الوطني والقومي. في عصر يوم 22 كانون الثاني 1991 داهمت مفرزة من المخابرات منزل الشهيدة المرحومة عايدة عبدالكريم في منطقة بغداد الجديدة بعد ان فتشوا المنزل وكأنهم فرق التفتيش الدولية الباحثين عن أسلحة الدمار الشامل ، اقتادوا بوحشية القراصنة والمجرمين امرأة مسلمة لا حول ولا قوة متناسين قول الرسول (رفقاً بالقوارير) منتهكين كل الحرمات وعابثين بكل القيم الاجتماعية والدينية والإنسانية مكبلين يديها وعاصمي يديها أمام الناس ليدفعوها دفعاً الى إحدى طوابير السيارات المطوقة للدار المتواضع فشاهدت الأم المفجوعة بأخيها الشهيد المناضل فؤاد الركابي ابنتها تقتاد أسيرة من بين أحضانها والدمع ينهمر مدراراً والاسى يعصر قلب الأم والوالدة التي ستثكل بابنتها فأصرت على متابعة رتل السيارات المتوجه الى دائرة تحقيق المخابرات (الحاكمية) في شارع 52 وشاهدت ابنتها تدخل الى بوابة البناية فظلت في الشارع المقابل ساهرة تراقبه عسى ان تعود ابنتها الى حضنها على امل الرحمة ان كانت في قلوب هكذا ناس رحمة باعتاق ابنتها بعد اكمال التحقيق ؟ لكن القلوب قد قست وجُففت بقايا قطرات الإنسانية من قلوب تمرست الاضطهاد والتعذيب يتلذذون بعذابات البشر وكأنهم من كوكب آخر بعيد لا قيم دينية أو أعراف اجتماعية أو قوانين وضعية تحكم وتحد من سلوكهم والكل الحاكم بأمره ؟؟
بقيت الام ساهرة في الشارع الليل بطوله رافضة كل الدعوات والنداءات من الأهل بالمغادرة الى ان اغمي عليها لتفيق في المستشفى .. واجهت الشهيدة عايدة المحققين برباطة الجأش وعنفوان الصابرات المحتسبات وهي القانونية الواعية وهم يستفزونها لإحداث هزة نفسية.
من هو فؤاد الركابي ؟ أجابتهم بهدوء: انه خالي كنت احبه حُياً واحبه شهيداً بجوار ربه في عليين مع الشهداء .. ويسأل المحقق بثورة الضابط الأمني المتمرس على الشتم والقدح : وهل تؤمنين بأفكار خالكِ الوطنية والقومية ؟
فأجابته نعم ؟
تمام إذن أنتِ من جماعته ؟
أي جماعة أجابت ؟
التنظيم ؟ أي تنظيم ؟ التنظيم القومي الناصري قالت: فؤاد الركابي كان خالي نعم وأبي وأخي الكبير وأستاذي وقدوتي لقد قتل في السجن قبل عشرين عاماً من الذي دعاكم تتذكرونه ؟
حياً لم يسلم ولم نسلم من الأسئلة وفي الثرى لم يسلم رحمة الله عليه ولم نسلم نحن من المتابعة والتحقيق والأسئلة ؟
باختصار نريد ان نعرف علاقتكِ بالتنظيم القومي الناصري ودوركِ ؟ وهل أنت عضوة ارتباط بين الجناحين المدني والعسكري ؟ مجرد إجابة بسيطة ونطلق سراحكِ معززة مكرمة ؟
أجابت بهدوء : لا علاقة لي ولا اعرف شيء . ثار رئيس لجنة التحقيق غاضباً : ما هي علاقتكم بالضابط المتقاعد محمد علي السباهي ؟ لنا علاقة عائلية قديمة فنحن اكثر من اهل .
علاقة عائلية ولدينا تسجيلات لأحاديثكم عن الحرب ومستقبل الحكم في العراق وماذا تنـون عمله ؟ أجابت : هذا حديث كل العراقيين الذين يريدون العيش بسلام وكرامة وان تتوقف الحرب ويعود الأمن والاستقرار لربوع العراق . يثور أحدهم تتآمرون على القيادة باستغلال الأوضاع المعادية لإحداث انقلاب على القيادة . بقيت عايدة تحت غطاءة التحقيق خمسة أيام تعرضت لشتى انواع التعذيب والتنكيل والضرب بالسياط على الجسد الأنثوي الغض الطاهر الشريف والأسلاك الكهربائية قد وسمته بأوسمة النبل والكرامة والشرف فقبلكِ يا عايدة آل بيت الرسول قد نكل بهم ولكِ بالسيدة زينب واستغاثاتها في كربلاء او في طريقها للشام لكِ فيها ومنها العبرة .
وفي السابع والعشرين من كانون الثاني 1991 هاجمت الطائرات الأمريكية مبنى الحاكمية لتصاب المرحومة عايدة بسقوط زنزانها الانفرادية المحشورة فيها وتصاب بجروح نازفة وبعد ساعتين من انتهاء الغارة يعود حراس الحاكمية إلى الزنازن يحصون هل من هارب وهل من ناجٍ لاستكمال التحقيق فأقتيدت الى كراجات المخابرات في الحارثية لتفاجأ بوجود المناضل العميد محمد علي سباهي وقريبه عبد الرزاق . لتبدأ جلسات تراجيدية وكوميدية من صنوف التعذيب البدني والنفسي على ايدي اناس متمرسين لديهم القدرة الفائقة على اختلاق أنواع من التعذيب توالداً وتناسخاً فائقاً في الأعداد والإخراج والممارسة التي لم تعرفها سجون الأرض الذين تشرفوا بالتعذيب والذين اعتقلوا آنذاك من أبناء شعبنا العراقي المجاهد لديهم المجلدات اكثر مما كتبنا هنا.
لم تثبت على الشهيدة عايدة أي تهمة من التهم التي وجهت من قبل هيئة التحقيق ، وبعد أيام صدرت الأحكام الجائرة وعلى المقياس بالحكم عشر سنوات واقتيد الثلاثة إلى سجن أبو غريب. وأودعت المناضلة عايدة في جناح النساء المحتشد بمئات الفتيات المناضلات من أبناء شعبنا سيدات مجتمع وزوجات مناضلين وضباط جيش ومسؤولين وأرامل المعدومين حيث بدأت معهنَ الشهيدة عايدة في مدرسة النضال والصبر والتجلد وعدم الضعف. وفي صباح بارد من شتاء 1994 أحست عايدة بالبرد فراجعت عبر سلسلة المراجع الطويلة للوصول إلى المركز الطبي في السجن للمعاينة والمعالجة وبعد طول عناء وكتابهم وكتابكم وكثرة التواقيع على الطلب المقدم وصلت عائدة الى المركز الطبي ، فحقنت بإبرة في العضد .
وأعطيت قنينة دواء بدأت بتناولها طلباً للشفاء من نزلة البرد لكن السم الزعاف قد سرى في الجسد الطاهر ليأكله غيلةً .
وبعد ثلاثة أيام نقلت إلى مستشفى اليرموك لنرى عايدة بلا حراك وتنقل إلى مدينة الطب لنفاجئ بالخبر في المركز الطبي . إنّ الدواء الذي شربته كان سماً قد سرى في كريات الدم وان لا فائدة ترجى منها علاجاً والجميع بانتظار صعود الروح الطاهرة إلى بارئها العلي القدير. لتودع الأهل والعراق وساحات النضال الوطنية والقومية تاركة وسام الشهادة اسماً ورمزاً لكل المناضلين الشرفاء في ارض العراق المجبولة على الشهادة المتوالدة منذ كربلاء وطفها .
رحم الله تعالى المناضلة القومية الناصرية عايدة عبدالكريم فإننا على دربها سائرين وعهداً للشهداء منا بإكمال المسيرة .
المجد والخلود لشهداء العروبة والاسلام
المصدر: شبكة ومنتديات الفارس المطرود - من قسم: منتدى اهل الشام(لبنان-سوريا-العراق الجريح-الاردن)