أرجو أن تقرأ هذه السطور وأنت تمسك ورقة وقلماً أو تفتح خدمة الآلة الحاسبة في محمولك.
ستتعب معي دقائق أقل مما تأخذه منك لعبة السودوكو أو الكلمات المتقاطعة لكنها ربما تكفي لتؤكد لك أننا الذين نصرف علي هذا البلد من حر مالنا وليس طبقة رجال الأعمال والمليارديرات الذين تسمع الرئيس مبارك وأحمد نظيف وطابور الحكم في مصر يقولون إنهم يشجعون الاستثمار للإنفاق علي البلد والصرف علي محدود الدخل. والحقيقة أن المواطن محدود الدخل يجب أن يكون محدود العقل أيضاً كي يصدق أن المليونيرات والمستثمرين هم الذين ينفقون علي البلد!
مع احترامنا البالغ فهذا أولاً: ليس استثماراً، فهذا في معظمه نهب وتهليب لصالح الحبايب والقرايب.
ثانيا: نحن الذين ننفق أكثر منهم علي بلدنا.. يأخذون هم منه أكثر منا بل يوزعون بينهم اللي حيلتنا وحيلة هذا البلد!
تعالَ للأرقام وستكتشف معي أن الضرائب علي الدخول والأرباح وصلت إلي 58.7 مليار جنيه العام المالي الماضي، وستعرف طبقاً لتقرير الأهرام الاقتصادي الذي يشرف عليه الباحث الفذ أحمد السيد النجار وعنه أنقل كل أرقامي أن 9.8 مليار جنيه من الضرائب علي الدخل عبارة عن ضرائب علي الدخول من التوظف، أي ضرائب يدفعها الموظفون، ومن هم يا تري الموظفون؟!
إنهم سعادتك وسعادتي بصرف النظر عن الفرق في السعادة بيننا لكن المحصلة أن الفقراء والطبقة الوسطي نتيجة أن رواتبهم واضحة ودخولهم معروفة وثابتة وممسوكة بما فيها مكافآت وحوافز وبدلات وعمولات وشغل إضافي أو سبوبة هنا أو هناك أو نحتاية جنب الشغل، فإن الدولة تحصل علي ضرائبهم بالمليم. إذن كتلة الضرائب يدفعها الموظفون الصغار والكبار، ثم هناك 4.7 مليار جنيه من الضرائب علي الدخول يتم تحصيلها من أصحاب المهن غير التجارية والنشاط التجاري والصناعي، ومجمل هؤلاء أيضاً شرحه وجرحه من الطبقة الوسطي من المهنيين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. مازلنا مع سودوكو محدود الدخل وأرقامه، فنري أن الضريبة علي أرباح شركات الأموال تبلغ نحو 44.2 مليار جنيه وقد تعتقد أنها وارد هؤلاء المستثمرين، ولكن يهمنا أن نعلن سيادتك بالخبر المهم أن 27.5 مليار جنيه منها أي أكثر من نصفها يعود إلي هيئة البترول والشريك الأجنبي معها وكذلك قناة السويس. وبما أن الهيئة العامة للبترول وهيئة قناة السويس ملك المصريين، يعني أننا (ومعظم مصر محدودة الدخل وفقيرة) الذين ندفع أيضاً ونصرف فعلاً علي البلد، ومع أن الدعم لرغيف العيش والبنزين والغاز الذي نحصل عليه هو من فلوسنا أيضاً ومن لحم أكتافنا إلا أنهم يعايروننا به، ثم الأنكت من هذا أن مصانع السادة رجال الأعمال هي التي تأكل النصيب الأكبر من دعم الدولة!
طبعاً رجال الأعمال والمليونيرات يدفعون ضرائب لكنها أقل مما يجب عليهم أن يدفعوا وأقل جداً من أن يحكموا به البلد ويتحكموا فيه وعايزين كمان يورثوه!