إذا كان هذا النظام قويًّا عفيًّا وجامد قوي كده فلماذا يخشي طوال الوقت من الفوضي؟!
وإذا كان الرئيس مبارك نجح كما يقول محبوه وأنصاره في جعل مصر بلدًا مستقرًا، فلماذا يشوون ظهور الناس كل يوم بالكلام عن خطر الفتنة؟!
ما نعرفه أن الأنظمة القوية الثابتة المستقرة لا تهزها أزمات أو انتخابات ولا احتقانات بسهولة، ولكن المسئولين في بلدنا مفزوعون دائمًا من خطر ما قادم، لا تعرف من؟ ولا تعرف أين؟
إذا طلبت المعارضة تعديل أو تغيير الدستور كلمك دهاقنة الحكم عن الاستقرار والخوف من الفوضي!
وإذا قرر معارض النزول للشارع أخافوا الناس من الفوضي.
وإذا تصادمت تصريحات قس مع صيحات شيخ صدعوك بالكلام عن الفتنة!
هذه تصرفات نظام مذعور يخاف انتخابات غير مزورة ويخشي حرية حقيقية ويرتج من أي اختلاف أو خلاف!
هذا النظام المدجج بأجهزة الأمن ذات العدد الضخم والوجود المتضخم وبأسلحة الإعلام الحكومي والخاص وبأحزاب حليفة أو أخري أليفة وبشيوخ ودعاة سلموا عمامتهم وضميرهم لجهاز أمن الدولة وقساوسة كنيسة يكاد يحملون كارنيهات الحزب الوطني فوق صلبانهم، هو كذلك النظام الذي تعمل كل تروسه وآلاته السياسية والإعلامية في خدمة السياسة الأمريكية والحفاظ علي الرضا الإسرائيلي الذي يشهد أغلي درره وأعلي قممه في يوسف عفاديم حاخام يهود إسرائيل الذي يري أن العرب أنجاس، بينما يدعو للرئيس المصري في صلاته بالمعبد أو تسبيحاته أمام حائط المبكي، ثم هو النظام الذي يعيش ثلاثين عامًا، ساد وزاد فيها الفساد اليومي من رشوة وعمولات وسمسرة ومال حرام، يأكله الناس في بطونهم هنيئًا مريئًا فلا الشعب المصري يومًا أراد الحياة ولا أراد للقيد أن ينكسر، وأظن أنه لن يستجيب بالشكل ده القدر!
السؤال ليه؟
ليه هو مرعوب كده من فوضي قادمة أو فتنة مطلة؟
أولاً: المسألة فعلاً تستحق الرعب؛ فالفوضي أوشكت علي أن تأتي والفتنة ربما طلَّت وطالت!
فالبلد كشخص يحمل الفيروس لا يدري أنه يحمله ولا يشعر كم يقتل مناعته ويأكل في جسده وفجأة سنجده طب واقع ساكت!
الفساد الحكومي والشعبي والجهل الديني والثقافي والغوغائية السائدة والسيدة والفقر الفاقع المدقع والتفاوت الطبقي الهائل والتعصب الطائفي والمذهبي والإعلام المنافق والأفاق.. كل هذا يقودنا بمنتهي الثبات إلي الفوضي!
ثم إن النظام يعرف أنه بلا شرعية إلا شرعية اغتصاب السلطة بالتزوير واحتكار الحكم بالتزييف، وأن هناك حدودًا - مهما بدت لا حدود - لاستخدام القمع الأمني، فيدرك تمامًا أنه إذا بدأت الفوضي فلن يكون واحد منهم موجودًا في مكانه أو مكانته!
المشكلة أن النظام يخشي الفوضي إلي درجة أنه يصنعها!!