يُضحي الإخوان المسلمون بمئات من شبابهم ورجالهم، سوف ترمي بهم الحكومة في السجون من أجل عدة مقاعد في البرلمان يجلس عليها نواب من الجماعة يصرخون ويلوحون فلا أحد يعيرهم اهتمامًا ولا أحد يسمع كلامهم، ولا يؤثرون ولا يغيرون في الوطن لا مترًا ولا لترًا!
طبعًا من حق جماعة الإخوان أن تدخل الانتخابات كما من حق أي تيار أو جهة أو حزب أو فرد، ومع احترامي الحقيقي وبمنتهي الصدق لنضال وتضحيات الإخوان المسلمين، إلا أن دخولهم الانتخابات هو إعلان أن هذه الجماعة تفهم ربما في كل شيء وأي شيء إلا السياسة!
نعم دخل الإخوان الانتخابات الماضية (في إطار متغيرات دولية لم تعد موجودة الآن بل صار موجودا عكسها) وكسبوا في مواجهة الحزب الوطني المكروه والمنبوذ شعبيًا وكان انتصارهم حقيقيًا ومثيرًا للاهتمام وللإعجاب، ولكن ماذا فعلوا بعدها؟ ولا أي حاجة!
ينضربوا علي دماغهم وتتهان كرامة نوابهم وتجرجر نساؤهم ويتم سجن زعاماتهم بينما هم يحترفون دور الضحية المضطهد ويعتقدون أن التعاطف معهم نصر والعطف عليهم فوز، لكن المؤكد أن الإخوان لم يأخذوا مصر خطوة واحدة للأمام، لا في السياسة من حيث فك صواميل الحكم الاستبدادي، ولا في الدين من حيث الانتصار للعقل والاستنارة، ولا في المجتمع من حيث زرع قيم العمل والعدل في ثقافته أو بث الشجاعة والجسارة في وعيه!
بل لا أحد يخدم ويحقق أهداف النظام المستبد المزور بقدر ما يخدم الإخوان المسلمون النظام بإصرارهم علي دخول الانتخابات البرلمانية القادمة، فهذا يقدم للنظام هدية علي طبق من ذهب في تبرير تزويرهم للانتخابات أمام الغرب والأمريكان خوفًا من وصول الإسلاميين للحكم، ثم إن دخول الإخوان يعطي من جهة أخري السخونة والجدية لانتخابات ستكون وهمية ومزورة، ثم إن سقوط الإخوان القادم والتراجع الرقمي المتوقع وربما الصفر الكبير الذي سيحصلون عليه سيدفع الحزب الوطني لادعاء نصر كاسح وفوز ساحق أمام منافس حقيقي!
أما الإخوان فبعد دخول مائتين أو ثلاثمائة من أعضائهم السجن سيخرجون بمنتهي البرود السياسي ويتحدثون عن أنهم كشفوا النظام!
يا سلام علي الذكاوة والشطارة!
تدخل أحزاب المعارضة الانتخابات وهي المتهمة بأنها تلعب في ملعب الدولة وهي لم تزعم أبدًا أنها ليست كذلك، وها هي جماعة الإخوان أخيرًا تقول لنا إنها مثل أحزاب المعارضة الرسمية تمامًا جزء من لعبة النظام، وكل أمنيتها أن يمنحها أحمد عز جزءًا من الملعب تلعب فيه.. وهي راضية حتي الآن بأن تلم الكور!