نظام مصر الحالي الجاري لديه مجموعة من العائلات الاقتصادية يحبها جدًا ويتحالف معها تماماً ويساندها ويدعمها من فضلة خير ثروة مصر فيتيح لها من ثغائها وفولها وبصلها وعدسها وكرومها وأرضها ما تشاء ..وترعي!
هذه العائلات هي التي تملك أراضي مصر الآن علي طريقة أبعديات محمد علي باشا!.. أنتم تعرفون طبعا - أو هي فرصة كي تعرفوا- أن محمد علي باشا الكبير كان يحتكر أراضي مصر كلها باعتبارها بتاعته شخصياً، كل من فيها ومن فيئها يملكه باشا مصر وصاحبها ومالكها الوحيد، المهم أنه بعد فترة ولكي يأكل اللي حواليه عيشاً ويكسر عينهم ويخلق لهم مصالح في البلد تسانده وتدعمه قرر أن يقتطع عدة أراض «بالمئات أو بآلاف الأفدنة» وكانت تسمي الأبعديات ويهديها إلي الحبايب والأقارب والأصهار والأنصار، لكن الأبعديات لم تكن ملكاً لهم، بل كانوا يتصرفون فيها وينتفعون منها كأنها ملك لهم، بينما في أي وقت يقل واحد منهم عقله أو يلعب بديله أو يتهاون في فروض الولاء والطاعة والنطاعة فإن الباشا الكبير ينزع الأبعدية من حباب عينيه في لحظة حتي لو كان ورثها ابن أو حفيد ، كانت الأبعديات تضمن لمحمد علي هذا السياج من التابعين أصحاب المصلحة في الحكم وتوريثه واستقراره واستمراره ، طبعاً الباشا كان عظيماً وطموحاً وسامق الكفاءة لكنه كان ديكتاتوراً في أصل وشه، وكان يتعامل علي أن البلد بلده وملكه بالمعني الحرفي، مصر بتاعتي أنا، فلما حاصرته القوي الاستعمارية بعد نجاحاته المبهرة عسكرياً وتوسعياً وفرضت عليه في 1840 معاهدة لندن ومن بين نصوصها وبنودها «تخيل » تخليه عن ملكية الأراضي وعدم احتكارها، أولاً لانتزاع قوي مالية من يديه حتي لا يمكنه الاستفادة منها لصالحه شخصياً، وثانياً حتي يخلق أصحاب أراض من مليونيرات وباشاوات وعائلات تصنع توازناً في مواجهة محمد علي، وأيضًا ترتبط بمصالح مع إنجلترا، حيث تزرع لها القطن وتصدره وترتبط المصالح مع الاستعمار!
أكاد أقول لك إن هذا المشهد يعود لمصر بقوة مذهلة منذ عشرين عاما تحديداً، حيث تم خلق طبقة أصحاب الأبعديات التي تتوزع أراضي مصر عليها وهي كلها عنقود من مجموعة من العائلات مرتبطة بأمرين:
1- بأواصر قوية مع السلطة.
2- بعلاقات متينة مع الاقتصاد الأمريكي والغربي عبر توكيلات وشراكة وتداخل مع مؤسسات دولية!
النتيجة إيه؟
سأعود معك إلي دراسة للدكتور عاصم الدسوقي ذكر فيها أنه في صباح 23يوليو 1952كانت هناك في مصر 2125 أسرة تملك من مائة إلي خمسمائة فدان لكل أسرة فيهم ، و267أسرة كانت تملك من خمسمائة إلي ألف فدان لكل أسرة، أما فقط 134 أسرة فكانت تملك من ألف إلي خمسة آلاف فدان!
أكاد أقول لك إنه الآن في مصر أقل بكثير من 134 أسرة تملك أكثر بكثير من ألف إلي خمسمائة ألف فدان.. أبعديات!
