قفزت أمس بورصة الاحباط والَيّأِسً إلى أعلى درجاتها. المحبطون اليائسون وجدوا أنِفَسٌ هم يتساءلون: وماذا بعد؟!
هناك من وضع أمله في عزرائيل وطوى أوراقه ومضى. وهناك مثلي من صمم على الاستمرار في الصراخ إلى أن ينتعش جسد الشعب ويخرج من موته السريري ويسترد حقوقه المسلوبة من عصابة عز وكمال (الطفل المعجزة محمد كمال)!..
عزرائيل سينفذ حتما كتاب الأجل "قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ".. وستنتهي حياة شخص – أي شخص – عندما يأتي أجلها.
لن يجلس المستبدون الحاليون إلى الأبد فوق أنوفنا ولن يستمروا إلى يوم القيامة في انتهاك أعراضنا واذلالنا وانهاك كرامتنا وتلويث شرفنا مهما أوتوا من قوة وسلطان وترسانات مدججة، ومهما خلت وجوههم من حمرة الخجل ونفوسهم من المروءة وحب الوطن.." إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُون".
ما نحن فيه من مبالاة وخنوع وتسليم للواقع واحباط ويأس سينقلنا من مستبد إلى مستبد جديد ومن أحمد عز ومحمد كمال إلى عشرات مثلهما يتسلموننا جيلا بعد جيل وأمة بعد أمة.
والنتيجة أن المستبدين الحاليين لا تتحرك فيهم ذرة خجل وهم يأتون بمجلس شعب بلا معارضة وبتزوير تحدث به القاصي والداني، ثم يوجهون صحفهم أن تسمي ذلك "عرس الديمقراطية"!
نعم عزرائيل ليس بعيدا.. لا يميز بين عجوز وشاب، ومريض وصحيح معافى، ورئيس ومرؤوس.. يخطفك إذا جاء أجلك قبل أن يرتد إليك طرفك. لكن هذا ليس حلا للشعوب الميتة التواقة إلى الحرية والعدالة والتي تنتظر فقط "عزرائيل" لكي ينقذها بأخذ الجبارين الظالمين.
الشعوب الميتة كالأجسام الضعيفة المنهكة التي تتسلط عليها الفيروسات وتتشكل داخلها لأنها لن تجد أي مضادات تقاومها.
سيتسلط مستبدون جدد على هذه الشعوب. إذا خطف الموت أحدهم جاء آخر أكثر استبدادا وأعنف تسلطا.
ينبغي ألا تجعلنا انتخابات عز وكمال ننام في انتظار تدخل عزرائيل. هو سيأتي حتما الليلة أو غدا أو العام القادم أو بعد سنين عددا.. لكن ليس في يده أن ينقلنا من سرادق العزاء الذي حبسنا فيه خلال الثلاثين عاما الماضية. سنظل فيه ثلاثين عاما أخرى أو ستين أو إلى أن تقوم الساعة فرحم هذا الشعب قادر على أن ينجب الكثير من أمثالهم!!