طريقة اختيار الوزراء في مصر فضلا عن كونها عائلية بإمتياز، فيها الكثير من الطرافة.
أمس استعرضنا خارطة الاختيار التي نطالعها في أحدث كتب الزميل الإعلامي الدكتور ياسر ثابت "جرائم بالحبر السري" ورأينا كم تتحكم فيها علاقات المصاهرة والقرابة وكيف صارت عائلات بعينها متخصصة في إنتاج الوزراء، كأن فيها جينات وراثية ليست في غيرها من المصريين.
القراءة تقودنا اليوم إلى وزراء بالصدفة، فها هو مصطفى أمين يقدم قائمة من عشر سيدات من أرشيف أخبار اليوم بناء على طلب الرئيس عبدالناصر ليختار من بينهن أول وزيرة في العالم العربي بأثره فإذا به يعين حكمت أبو زيد من قرية الشيخ داود بالقوصية محافظة أسيوط رغم ورود اسمها في آخر القائمة!
يستغرب مصطفى أمين ويسأله عن السبب فيجيبه عبدالناصر "لأنها أوحش واحدة"!..
في وزارة الرئيس محمد نجيب الثانية بعد الثورة والتي خلفت وزارة علي ماهر وقع الاختيار على حنفي محمود ليكون ضمن تشكيلتها وكان حينها مسافرا إلى الأسكندرية عبر الطريق الصحراوي حين لحقت به سيارة جيب عسكرية لتعيده إلى القاهرة دون أن تقدم له سببا لأن قائد الحملة نِفَسٌ ه لم يكن يعلم السبب. وأُدخل إلى مجلس قيادة الثورة وهو يظن أنه مطلوب للاعتقال، لكنه عرف أنه مرشح للوزارة فاعتذر عنها في الحال، فماذا سيجني من وزارة قطعت عنه "الخلف"؟!
عندما استقال اسماعيل فهمي وزير الخارجية احتجاجا على زيارة السادات للقدس، تذكر الرئيس محمد إبراهيم كامل رفيق السجن والزنزانة الوسيم الأشقر في قضية اغتيال أمين عثمان. لكن كامل لم يعلم بالاختيار إلا من زوجته عقب عودته إلى منزله من زيارة لوالدته في 25 ديسمبر 1977، فقد أبلغته أن الراديو والتلفزيون أذاعا نبأ تعيينه وزيرا للخارجية.
وفي استراحة الإسماعيلية عاتب إبراهيم كامل السادات على تعيينه وزيرا دون أخذ رأيه، فرد عليه: لو علمت عدد الذين كانوا يتهافتون على هذا المنصب لما أسفت!
أثناء تشكيل مصطفى النحاس باشا لوزارته السابعة عام 1950 أخذ يعتصر ذاكرته بحثا عن مرشح لوزارة التموين، ثم قال: هناك مستشار كويس اسمه فرحات، أنا فاكر شكله بس ناسي اسمه الكامل. فسأله عبدالفتاح الطويل باشا: مرسي فرحات!.. فأجاب: تمام.. روح أطلبه يا فؤاد (سراج الدين) في التليفون واعرض عليه الوزارة.. وهذا ما حدث. وعند حلف اليمين أمام الملك فاروق في قصر القبة لمح النحاس شخصا غريبا لا يعرفه فسأل: من هذا؟.. فقيل له: مرسي فرحات وزير التموين، فعلق النحاس: أبدأ.. مش هو.. ده واحد تاني!.. لكنه استسلم للأمر الواقع فلم تبق إلا دقائق على لقاء الملك.
وبعد حلف اليمين وخروج الوزراء صاح النحاس: افتكرته.. اسمه قطب فرحات مش مرسي فرحات!
عبدالمجيد عبدالحق دخل وزارة النحاس باشا لتشابه الاسم بينه وبين شقيقه الأكثر شهرة الذي كان مقصودا في الأصل لوزارة الشؤون الإجتماعية والأوقاف والتموين.
وفي عهد السادات رُشح محيي الدين عبداللطيف وزيرا للنقل في وزارة السادات الأولى في مارس 1973 لكن بدلا من استدعائه، اُستدعي شقيقه الحسيني عبداللطيف!
الخاتمة أن التاريخ الوزاري الممتع للحكومات المصرية والذي يفطس أيضا من الضحك لا يخرج شبرا واحدا عن التوريث والصدفة والحظ…
والمحصلة الفشل الكبير المزمن الذي نعيشه ونعايشه في الشقيقة الكبرى.