قال ميلس زيناوي رئيس الحكومة الأثيوبية "مصر تأخذ مياه النيل لتحويل الصحراء إلى رقعة خضراء، ونحن في أثيوبيا المصدر لنحو 85% من هذه المياه ليس لنا الحق في استخدامها لإطعام أنِفَسٌ نا ونضطر إلى التوسل للغذاء كل عام".
وقال إن عهد المفاوضات قد انتهى، ولم تمنعنا أي قوة مهما كانت على اقامة المشاريع والاستفادة من المياه التي تفيض من أرضنا.
زيناوي يدرك أن النتيجة قد تكون أول حرب مياه في العالم، لكنه يتحدث بمنطق الواثق من نِفَسٌ ه. فمصر قامت فعليا بغزوة في 14 نوفمبر 1875 بواسطة كتبية من 3000 من المشاة المسلحين بالبنادق و12 مدفعا جبليا، وهاجمها الجيش الأثيوبي في منطقة "جوندت" بعد الالتفاف وراءها تحت جنح الليل، وفي الصباح تعرضت للمذبحة التي لم ينج منها سوى 300 جندي، وكان من بين القتلى ابن شقيق رئيس الوزراء نوبار باشا، وغنم الأثيوبيون 2200 بندقية و16 مدفعا، ولا يزال اثنان من تلك المدفعية يعرضان في ساحة بمدينة أكسوم، العاصمة التاريخية للحبشة.
أطلقت أثيوبيا على أعلى وسام عسكري "كوندت" وهو اسم هذه المعركة تخليدا للانتصار على الجيش المصري.
زيناوي تحدث عن احتمال استخدام القوة من جانب مصر بقوله "السلطات المصرية لديها قوات خاصة مدربة على حرب الأدغال ومصر ليست معروفة بالادغال، لذلك فمن المحتمل أن تكون مدربة للحرب في أدغال دول أفريقيا الشرقية".
في القرن التاسع عشر وضعت حكومة محمد علي باشا خطة طوارئ للتدخل العسكري ضد أي دولة يمكن أن تشكل خطرا على النيل.
وفي عام 1979 عندما أعلنت أثيوبيا عن نواياها لاقامة سد لري 90 ألف هيكتار في حوض النيل الأزرق، دعا الرئيس الراحل أنور السادات خبراءه العسكريين لوضع خطة طوارئ مهددا بتدمير هذا السد، وعقد اجتماعا طارئا لقيادة هيئة أركان الجيش المصري، فتراجعت أثيوبيا فورا.
تقارير بعض المعاهد الاستراتيجية الدولية والبنتاجون ومكتبة الكونجرس تؤكد أن لدى مصر عناصر مدربة على خوض هذا النوع من الحروب، تبدأ بفرقة "السيل" التي عناها ميلس زيناوي بتصريحه عن القوات المدربة للحرب في الأدغال.
ورغم أن مصر لا تتحدث علنا عن امكاناتها العسكرية وحجم الانفاق على جيشها وأسلحته المختلفة، فإن المعاهد الدولية تؤكد أن جيشها تقدم كثيرا في تسليحه وجهوزيته ونوعيته عن ذلك الذي خاض حرب العبور الناجحة عام 1973.
تعتبر فرقة "السيل" أفضل القوى الضاربة في القوات الخاصة المصرية، وتتكون من نوعية من المقاتلين يتم اختيارهم بعناية وتدريبهم على مهمات قاسية جدا وفي ظروف سيئة.
في فترة التدريب يعيش المتدرب وينام داخل البرك والسباحة فيها والهجوم والانسحاب منها، ويقيم 24 ساعة داخل مياه مالحة جدا نهارا وليلا، ثم التدريبات الخاصة في البر والبحر والجو.
وتشكل القوات الجوية المصرية القوة الأهم باعتبارها ذراعا طويلة، وحاليا هي الأكبر حجما في أفريقيا والشرق الأوسط ونالها تحديث هائل في العشر سنوات الأخيرة، وتأتي في المركز الثاني بعد اسرائيل وتسبق تركيا ، وتملك حاليا 569 طائرة ما بين مقاتلة وقاذفة.
والعمود الفقري للقوات الجوية المصرية 220 مقاتلة من نوع إف-16 فالكون الأمريكية الصنع، وهي رابع مستخدم لتلك الطائرات المتطورة في العالم.
وتستخدم القوات الجوية المصرية 19 طائرة فرنسية متطورة من طراز ميراج 2000، وقامت بتطوير 32 طائرة من طراز إف-4 فانتوم الثانية، وميراج 5 وسي130 هيركوليز، و8 طائرات إنذار مبكر وتحكم، و40 طائرة روسية ميكويان ميج-29 إس أم تي، و24 طائرة ياك-130 و100 طائرة سوخوي 35.
وتتجه لشراء 100 طائرة مقاتلة متوسطة لاستبدال الطائرات ميج-21 وإف 4. ووافقت فرنسا على عرض لشراء طائرات مكس رافال والمزيد من طائرات ميراج 2000، وبدأت مصر بانتاج الطائرات جا إف-17 ثاندر محليا من خط انتاج الطائرات كاه 8 لاستبدال الطائرات الصينية إف-7 وإف- 6 .
وتقول صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية إن ما تملكه مصر من طائرات إف 16 يماثل ما لدى اسرائيل، فيما تجاوز عدد الدبابات تلك التي بحوزتها.
القلق الاسرائيلي الحقيقي ليس من عدد الأسلحة وإنما من التحسن في نوعية الجيش المصري، وانتقل القلق إلى الكونجرس الأمريكي الذي اتهم البنتاجون بافتقاد المعيار الذي يفحص به نوعية الجيش المصري.
ويوبخ السناتور توم لنتوس البنتاجون قائلا إن "ميزانية المساعدة العسكرية لمصر تعمل مثل الطيار التلقائي".. وهو يعني هنا أن مصر تشتري بها ما تريده وبمواصفاتها هي مما يشكل خطر على ميزان القوى مع اسرائيل.
وتملك مصر أكبر قوات بحرية في أفريقيا والشرق الأوسط تتكون من الفرقاطات والغواصات ومكافحة الألغام والقوارب الصاروخية، وتعتمد على سلاح الجو للاستطلاع البحري والحماية ضد الغواصات.
ويقول يوفاف شتاينتز الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الاسرائيلي إن الاسطول البحري المصري أكبر 3 مرات من نظيره الاسرائيلي.
وتتحدث اسرائيل عن قمر صناعي للتجسس لدى مصر باسم "ايجبت سات واحد" وأنها تخطط لاطلاق المزيد منها خلال العامين القادمين بالاشتراك مع قزاقستان – جمهورية إسلامية كانت تابعة سابقا للاتحاد السوفييتي - لكن ذلك لم يتأكد من مصادر محايدة.
وتقدر القوات المصرية بـ450 ألف مقاتل، ومليون من جنود الاحتياط، وهو أكبر جيش بري في أفريقيا والشرق الأوسط، يمتلك 4000 دبابة قتال، وعددا ضخما من المدافع وفرقا خاصة مثل العقرب و777، وشاركت هذه الفرق في مناورات كبرى مع الولايات المتحدة وانجلترا وألمانيا وفرنسا وايطاليا.
وصدرت 10 دراسات أمريكية عن مقدرة القوات المصرية في المناورة بدر-96 بنقل حجم كبير من الجنود خلال 6 ساعات فقط إلى وسط سيناء، والوصول إلى حالة الاستنفار الهجومي في 11 دقيقة.
وتزود سلاح المدرعات المصري في العشر سنوات الأخيرة بحوالي 700 دبابة متقدمة من طراز "إبرا مز" الأمريكية ودبابات "البرادلي" وقام خط الإنتاج المصري الأمريكي للدبابات في العامين الأخيرين بتصنيع ما بين 150 و200 دبابة جديدة.
وتملك مصر نظاما حديثا للدفاع الجوي يؤمن تماما السد العالي والأهداف الاستراتيجية، وأنظمة صواريخ مضادة للدبابات، وأكبر حجم من صواريخ أرض – أرض بعد الصين وروسيا والولايات المتحدة، ولديها 390 منصة سام 2 لكن خرجت أعداد منها من الخدمة واستبدلت بأنظمة أحدث وأقوى تأثيرا، بالاضافة إلى 240 منصة إطلاق صواريخ سام 3 و56 منصة صواريخ سام 6.
وفي حالة نشوب حرب المياه فان أي هجوم مصري ضد المنشآت المائية الأثيوبية قد يقابل برد انتقامي من جانب أثيوبيا لن يصل لأبعد من السودان نظرا لفارق التسليح والتدريب، لكن الجيش المصري يمكنه اتخاذ مواقع دفاعية في العمق السوداني.
المصريون استفادوا تماما من حروب المنطقة التي اندلعت بعد حرب 1973 مثل حربي الخليج الأولى والثانية وحرب أفغانستان، ودرسوا نظرياتها وطوروها وأدخلوا الحرب الالكترونية، وقاموا بتطوير كبير في نوعية الجيش، بحيث يتواءم مع التكنولجيات القتالية الحديثة.
وتقول التقارير الاستراتيجية بخصوص موازين القوى أن القوات الجوية المصرية تستطيع الوصول إلى منابع النيل الرئيسة – كأثيوبيا مثلا – وتمدمير المنشآت المائية، أيسر بكثير من العملية الجوية التي دمرت بها اسرائيل المفاعل النووي العراقي في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
وكان البنك الدولي قد تراجع عن تمويل أكبر سد في أثيوبيا بدأته عام 2002 فقامت بتمويله الصين وايطاليا. واستند البنك الدولي على أن هذا السد سيحجز نحو مليار متر مكعب من المياه عن مصر مما قد يؤدي إلى ضربه عسكريا، وأثبتت دراسات الجدوى التي قام بها في ذلك الحين أن تدميره في متناول المصريين.
وتقول نشرة "ذي انديان أوشن نيوز لاتر" الفرنسية إن اسرائيل تقيم مشاريع للري في مقاطعة كاراموجا الأوغندية قرب السودان، وبالاضافة إلى مشاريع برأس مال يهودي في أعالي النيل يتضمن إقامة سدود وتملك أراض زراعية، مما قد يدخلها طرفا في حرب المياه بشكل غير مباشر.
وتعتبر أثيوبيا وكينيا أبرز شركاء اسرائيل التجاريين في أفريقيا، فبالاضافة إلى المساعدات الاقتصادية وتمويل المشاريع المائية وتقديم خبراتها الفنية، تقدم لهما مساعدات عسكرية بالاضافة إلى الدعم من المخابراتي.
وحصلت أثيوبيا على أسلحة من اسرائيل نظير تهجير يهود الفلاشا، لكن كل ذلك لا يمثل قوة تذكر إذا ما اندلعت حرب المياه – لا قدر الله – إلا إذا دخلتها اسرائيل كطرف مساند وصريح مع أثيوبيا وهذا أمر مستبعد تماما، إضافة إلى أن التقارير المتداولة حاليا تشير إلى قدرة مصر على القيام بعملية خاطفة وسريعة لا تستغرق ساعات.