اتصل بي زميلي الإيراني سعود الزاهد وهو من عرب إيران الشيعة ليقول لي: جعلتني أشعر بالزهو كعربي. ملأتني ثقة بالنِفَسٌ .
كان زميلي وصديقي يقصد التقرير المفصل الذي نشرته في "العربية.نت" عن موازين القوى العسكرية بين دول حوض النيل الرئيسة مصر والسودان وأثيوبيا والذي أخذت منه مقتطفات نشرتها في مقالي أمس بالتزامن.
جاءتني أيضا اتصالات عديدة بأن المعلومات الرقمية أقل مما وصل إليه التسليح المصري عام 2010 .. والواقع أنني اعتمدت على آخر تحديث من تقارير المعاهد المتخصصة الكبيرة، ووجدت في تقارير أخرى أرقاما أعلى من تلك، لكني كنت حذرا في التعامل معها.
زميلي سعود الزاهد قال لي بلهجة احتجاج. الآن فقط بدأت تتطور إلى الأفضل، فقد كنت تصر غالبا في كتاباتك على النصف الفارغ من الكوب، فنتصور نحن العرب الإيرانيين الذين يعيشون في دولة تفخر بامكانياتها وامبراطوريتها الحديثة، بأن العربي في طريقه للانقراض، لأنه إذا انقرضت مصر وتحولت إلى تلك الهشاشة والتواضع الذي تصرخ به في مقالاتك التي توجعني كل ليلة، فماذا يبقى للعرب الآخرين؟!
قراء "العربية.نت" الذين كانوا يتصارعون في تعليقاتهم، ما بين مصري وخليجي وجزائري وفلسطيني وعراقي ومغربي، هذا يشتم مصر وذاك يرد الصاعين صاعين للجزائر أو السعودية أو فلسطين أو المغرب أو العراق، جاءت تعليقاتهم مفاجأة، فقد بدوا كأن "مصر" التي يريدون أن يعرفوها، هي التي تحدث عنها ذلك التقرير، وكأني أرى "تسونامي" من دموع الفرح في عيونهم.
موقع "العربية.نت" الفارسي نشر التقرير، فتلقفته المواقع الإيرانية، والمدهش أنها استقبلته بدهشة السعادة، وعلق عليه قراء فارسيون مبتهجين بقوة الجيش المصري كدرع وسيف إسلامي لصالح كل المسلمين.
القضايا الكبرى توحدنا كعرب وكمسلمين، وعشق البكاء وجلد الذات في النصف الفارغ من الكوب لا ينتهي بتغيير إلى الأفضل، لأنه يهدم كل شئ في طريقه، ويمسح بالاستيكة أي إنجاز، فنتحول إلى عراق آخر يبدأ من الصفر!
في تعليقات "العربية.نت" يقول داني العمري من السعودية "مصر تاج العرب.. برافو لها ألف مرة. السعودية مع مصر دعم معنوي لأن مصر قوية بمفردها ولا تحتاج شيئا". وكتب العراقي فقط " لماذا يجب الوقوف مع مصر والسودان.. لعدة أسباب، أولها أن مصر هي العمق الاستراتيجي والثقافي للأمة العربية".
وقالت عروبية "ربنا يحميكي يا مصر ولادك كلهم جنود وحراس ليكي. الروح والدم والمال فداكي". اما دروجبا من اليمن فكتب " معروف عن مصر قوتها الضاربة في المجال العسكري". وقال لبناني بيروتي: ستبقى مصر نبض العروبة وعزتها وكرامتها وشموخها".
ومن التعليقات الرائعة ذلك الذي كتب من الجزائر بتوقيع "جزائرية وافتخر".. تقول صاحبته "مهما حصل بينا ومهما كذبنا على أنِفَسٌ نا، تبقى مصر أم الدنيا، وتمثل قوة العرب والجزائر بلد المليون ونصف مليون شهيد، وأن يحصل شئ لمصر سنكون أول المدافعين عنها، كما هو الحال أن يحصل شيء للجزائر فسنلقى مصر هي أول المدافعين عنا".
ويقول "من اليمن": إن شاء الله ما يحصل إلا كل خير لمصر العظيمة، بس ما شاء الله قوة مصر ضاربة لأول مرة اعرفها". ويقول "عراقي2": والله رجال والنعم منكم يا أبناء مصر، بالمفاوضات أو بالقوة لازم تأخذون حقكم وإياكم والتنازل".
وكتب أيمن السويدي "هذا من أجمل المقالات التي قرأتها على موقعكم والأرقام التي وردت في النص مريحة جدا". ويقول أردني نشمي "أعجبني التقرير، والله ينصرنا دائما بفيالق الكنانة، ونحن دوما فخورين بمصر". ويقول خالد السعودي "رغم أني لا أؤيد أي حرب في المنطقة، لا بسبب النيل ولا لأي سبب آخر، إلا أنني أقول إذا ما وقعت حرب وأجبرنا على خوضها، سنكون بإذن الله خير جند لهذه الأرض الطاهرة المباركة، ورعاكم الله يا أهل مصر الطيبين".
وكتب عاقل "من أقصى الجنوب السعودي أفديك بروحي ودمي ومالي يا مصر العروبة، تخيلوا أن نترك مصر وحيدة وحولها الحاقدون، وأنا لا أبالغ أن كل الشعب السعودي مهيأ للجهاد في سبيل الإسلام والعروبة وفي هذا لا يختلف اثنان. أعلنوا الجهاد وستشاهدون ما يشرح صدوركم، وإنني وبقلب صادق أدعوا أبناء أرض الكنانة الذين لا يخافون ولا يحزنون، فنحن معهم بعد الله قلبا وقالبا لأنهم خير أجناد الأرض".
وشعر معلق باسم "مصري رأسي فوق" بالعاطفة الجياشة من تعليقات العرب فكتب "والله عيني تدمع من تعليقات الأخوة العرب، وإن شاء الله ربي معانا ولا نحتاج لحرب". وبنِفَسٌ الشعور كتب "من أرض الكنانة": والله التعليقات أبكتني، واتعجب ما دام كل هذا الحب في قلوب العرب، فلماذا لا نتوحد؟".
وكتب أنس من المغرب "اضربي بكل قوة يا مصر كل من يهدد أمنك القومي والله معك". وقال أبو محمد التركماني "كل العرب يد واحدة مع مصر في كل الميادين". وقال عربي سوري "رغم اختلافنا مع الإدارة المصرية (المصريون الجدد) في عدة أمور، ولكن أقول بالفم الملئان: كلنا مع مصر". وكتب سعودي " مصر معروفة منذ القدم بجيوشها وجندها جيش لا يهزم". وكتب بدوي من الجزيرة العربية " هذه حصن الأمة الحصين".
وكتب عربي أهوازي من إيران "مصر رأس الأمة وجيشها". وقالت بنت ليبيا "أحبك يا مصر. أموت فيك يا مصر. فديتك يا بلد الحبايب". وكتب عين الصقر اليمني "مش مصر والسودان لوحدهما حتحارب أثيوبيا.. اليمن وكل الدول العربية حتقف مع مصر. النيل مش لعبة".
ويقول الجزائري "إلى كل من يقارنون بين مصر وقوة العراق العسكرية سابقا. أولا العراق أخطأ وبالتالي جنى على نِفَسٌ ه بوقوف كل العرب ضده، ثانيا هذه المرة إن وقعت الحرب مع اسرائيل وليس مع الأفارقة لأن كل عربي عاقل مسلم لا يتمناها، سيكون كل العرب والدول الإسلامية على الجبهة مع مصر، معنويا على الأقل".
وأختم بمحمد بدوي الذي كتب "عن عمرو بن العاص قال: حدثني عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا فتح الله عًلُيَكُمً مصر بعدي، فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض. قال أبو بكر: ولمَ ذاك يا رسول الله. قال: إنهم في رباط إلى يوم القيامة".
شخصيا يملأني الفخر والعزة بالنصف المملوء العربي الذي تمثل في هذه التعليقات الجياشة، وتملأني الوطنية والحب لبلدي إعجابا بقواتنا المسلحة التي منذ تم تكوينها في عهد موحد القطرين مينا وهي في رباط لم ينفصم، وعندما تعرضت مصر لاحتلال قوى أجنبية عبر تاريخها الطويل قبل الفتح الإسلامي استبعدوا من جيشها العنصر المصري بسبب تلك الخصلة والحزم العسكري والوطنية الجياشة، وعندما دخلها العرب فاتحين أعادوا المصريين جندا في جيشها عملا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
القوت المسلحة المصرية هي درع العالم العربي والإسلامي وسيفه.