عندما شن نجيب ساويرس حملته على الحجاب في مصر.. سألته في اتصال هاتفي: لماذا تأتي منك أنت بالذات. قصدت طبعا أنه في وضع حساس كونه رجل أعمال قبطيا ينتقد مظهرا إسلاميا في بلد مسلم، لا يعنيه في شيء، ولا ينتقص من مواطنته شيئا، أمر خاص بالمسلمين فقط.
رد مراوغا بأنه يتحدث عن الحجاب الإيراني الذي يراه منتشرا في الشوارع والحارات والمحلات والنوادي. حتى هذا الحجاب – لو كان كلامه حقيقة - ما شأنه به، فلن ترتديه المسيحيات!
تحدث عن مظهر مصر "الجميل" الذي يتذكره كلما رأى فيلما من أيام زمان. يريد لذلك الزمان أن يعود بمظاهره السينمائية من الملابس القصيرة فوق الركبة، الميني والميكرو جيب، والعلاقات العاطفية المتبادلة والخليطة بلا جهاز تحكم!
هذه مصر التي يريد أن تعود أيامها الخوالي، منهيا الكلام بالتأكيد على أنه لا يقصد معاني دينية "أنا على فكرة راجل علماني"!
سألته عن فضائياته ففهمت أنه سيخدم بها توجهاته، والتي حددها في محاربة التطرف والتشدد الديني وعصرنة مصر والخروج بها للقرن الواحد والعشرين.
هل نرى أثرا لكل ذلك في متابعتنا لنشاط نجيب ساويرس سواء مساهمته الفعالة في بناء الكنائس، إحداها في مدينة الرحاب التي يقطنها عرب ومصريون مسلمون، والأموال الباهظة التي يدفعها للنشاط الديني القبطي، والمخصصات التي تذهب لمركز البابوية في العباسية، ثم انهماك قنواته في تأييد أكذوبة ظهور السيدة مريم العذراء فوق إحدى الكنائس وصور الموبايل التي عرضتها قناة "أو تي في" كأنها دليل لا يقبل الجدل.
ظهور العذراء قصة قديمة يكررها الأقباط، مغرقة في الجهل والتجهيل والعبث بتفكير البسطاء، يعتبرونها رسالة من السماء لأهل مصر في أوقات الأزمات.
استضاف البرنامج التبشيري الذي قدمته المذيعة مي الشربيني ومذيع شاب مسلم آخر لا أعرف اسمه، قسا انجيليا وأخر أرثوذكسيا والأستاذ جمال أسعد عبدالملاك الذي حرص خلال الحوار على دحض الأكذوبة المتكررة المهينة للأقباط وتفكيرهم، وليفلت من اتهامه بعدم الإيمان، أكد أنه سيؤمن بأن العذراء ظهرت فعلا في حال صدور قرار علمي بذلك من الكنيسة، مع أن إيمانه لن ينقص بعدم تصديق تلك الرواية.
طبعا كان هناك حرص كامل على اقحام إتصالات مؤيدة ومبتهجة، فحتى الشخص الذي قال إن اسمه "محمد" ولا أدري صحة ذلك أيد رؤية السيدة مريم فوق بقعة الضوء أعلى الكنيسة!
آخر قبطي كاثوليكي اسمه "شريف" هاجم فجأة جمال أسعد لتفنيده هذا الجهل فاحتج على البرنامج استضافته لواحد من الاخوان المسلمين!.. يا عم إيه دخل ده بده؟!
رد عليه أسعد بأن أحدا لا يستطيع أن يزايد على إيمانه الأرثوذكسي.
أما أخطر ما في البرنامج كله فهي تلك الرسالة "السماوية" التي كشف القس الأرثوذكسي بأنها لدعم أهل مصر "المسيحيين" ردا على هجوم الدكتور محمد عمارة على كتابهم المقدس.
يقصد الدراسة العلمية التي أصدرها عمارة ردا على التشكيك لتنصيري في الإسلام والتي سحبها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر معلنا إيمانه الشديد بالعقيدة المسيحية، وهو تعبيرأحمق قلت سابقا إنه قد يخرج الأزهر من دينه!
عمارة ليس موجودا حتى يحشر اسمه حشرا في برنامج يتحدث عن إحدى ظواهر الجهل المحيطة بمصر، كما أنه خلا من عالم مسلم واحد يدلي بدلوه، خصوصا أن المتحدثين وبينهما المسلمان الوحيدان – المذيعة والمذيع وكلاهما يبدو على جهل من الموضوع كله وعلى خوف أيضا من انقطاع الراتب - أفتوا بأن تجلي العذراء ليس خاصا بالمسيحيين فقط، بل بالمسلمين أيضا.
إضف إلى ذلك أن المتكلمين من الأقباط شددوا على وحدة مذاهبهم في إطار الدين الواحد بعكس المسلمين، وأنه لا خلاف بينهم في موضوع ظهور العذراء.
هل حول ساويرس قنواته الفضائية لنشر الجهل والخزعبلات؟ّ.. لن أكرر ما قاله الشيخ عبدالحميد كشك عليه رٌحًمِة الله ذات يوم تعليقا على إغنية لاحدى المطربات.. "العلماء الأمريكيون هبطوا على القمر، واحنا بنقول ياما القمر على الباب"..!
وبما أن لكل مقام مقالا، فساستبدل ما بين القوسين بـ" واحنا بنقول العذراء فوق الكنيسة"!
السؤال الأهم: ما سر القسوسة الدينية التي أصبح عليها ساويرس.. هل دخل سلك الرهبنة دون أن ندري، ولماذا تبقى رخص قنواته سارية المفعول وقد خالف قوانين "النايل سات" بما يبثه من برامج وجدل ديني عقيم يدخل في إطار الفتنة الطائفية؟!