التوك توك هذا الكائن الذى غزا حياتنا خلال سنوات، وأصبح جزءا من الثقافة الشعبية وتم تخليده فى الأغانى والمخيلة الشعبية، وأصبح من أحلام الفتيات أن يخطفها حبيبها على ظهر توك توك بعد اختفاء الحصان الأبيض.
التوك توك أصبح الممثل الوحيد لواقع المصريين فالمركبة القادمة من الهند سمحت الدولة للمستوردين باستيرادها، وللمصانع بإنتاجها. واشتراها شباب وعاطلون وما إن قادوها طالبتهم الحكومة بالتراخيص والضرائب.
وذهبوا إلى التراخيص ليجدوا أن قرارا سبقهم برفض الترخيص. ومن يومها ثار الجدل كيف سمحت الحكومة باستيراد وتصنيع التوك توك، بينما تمنع ترخيصه أو تسييره.
لكن لأن القرارات فى مصر تصدر لتخترق، فقد ظهرت استثناءات، وسمحت بعض المحافظات بترخيصه، ورفضت المحافظات الأخرى. واعترض سائقو التاكسى لأن تشغيل التوك توك يضر مصالحهم مثلما جرى فى المحلة.
وخلال شهور أصبح التوك توك مسموحا به نظريا منبوذا على المستوى العملى، وتم التحايل ليصبح الكائن نصف مسموح ونصف محظور. مع ماتيسر من التفاف ومواءمات أمنية ومحلية.
التوك توك ليس مجرد مركبة تشبه الموتوسيكل مع غطاء يسمح براكبين، لكنه أصبح تعبيرا عن حالة السياسة والاقتصاد فى البلد. فقد ورد التوك توك فى برنامج الرئيس الانتخابى 2005 على اعتبار أنه يوفر فرص عمل، لكن رفض الترخيص جعل فرص العمل محفوفة بالمخاطر ومطاردة المرور وشرطة المرافق. والذين راهنوا على البرنامج فقدوا الأمل. مثل كل العاطلين الذين وعدهم البرنامج بفرص عمل . لكن أصحاب التوك توك وجدوا أنِفَسٌ هم مطالبين بسداد الضرائب لوزارة المالية، مع أنهم عاطلون عمليا، لكنهم نظريا من ذوى «التكاتك».
نظرية التوك توك أصبحت تحكمنا طوال الوقت.. طبقتها الحكومة مع أراضى مدينتى حيث أبطلت المحكمة العقد لأنه يخالف القانون. الحكومة أعلنت التزامها بتنفيذ الحكم القضائى، سحبت الأرض وأعادتها على الورق. واستطعمت النظرية وبدأت تسييدها فى كل الأوضاع.
ماتزال الحكومة والحزب الوطنى يمارسان نظرية التوك توك فى الانتخابات فالقانون يمنع الإنفاق على الدعاية الانتخابية أكثر من ربع مليون جنيه لكن مرشحى الوطنى ينفقون ملايين وعشرات الملايين، والقانون يمنع البلطجة لكن الحزب يستعين ببلطجية لفرض السطوة تحت مسمى منسقى الحملات الانتخابية.
والقانون يمنع التوك توك من الدخول إلى المدن ويقصره على الأطراف لكن مرشحى الحزب مسموح لهم باستخدام التوك توك فى الدعاية بأى مكان بل إنهم يسلمون التوك توك لمسجلين خطر يسيئون له.
والأهم أن الحكومة تعلم أن القانون يمنع التدخل الإدارى لصالح المرشحين لكنها تتدخل بالوعود والرشاوى لصالح مرشحى الحزب الوطنى، وهو تطبيق لنظرية التوك توك فى أعلى صورها، ولاننسى أن الحكومة والحزب رفضوا مطالب الأحزاب بوضع ضمانات لنزاهة الانتخابات، وقدموا وعدا شفهيا بأن الانتخابات ستكون نزيهة ومضمونة، ومن لايصدق تحلف له الحكومة بحياة التوك توك.