يتصف الإنسان بتوكيد ذاته عندما تكون لديه القدرة على التعبير الملائم (لفظًا وسلوكًا) عن مشاعره وأفكاره وآرائه تجاه الأشخاص والمواقف من حوله، والمطالبة بحقوقه (التي يستحقها) دون ظلم أو عدوان..
ويرتكز ذلك على تقدير الفرد لذاته (رضاه عن نفسه وقدراته).وعلى تقويم الفرد لتقدير الآخرين له (مكانته عندهم واحترامهم له)
وتؤكد المشاهدات أن الشخص المتزن يقدر نفسه حق قدرها بحسب ما تستحقه، في حين ينفخ المتكبر ذاته ويعطيها منزلة أكبر مما تستحقه، أما المتذلل فيبخس نفسه حقها وينزلها أقل من منزلتها!
الإذعان والتواضع الزائد!
من علامات ضعف توكيد الذات، الميل إلى موافقة الآخرين ومسايرتهم في أغلب الأحوال، الإذعان لطلبات الآخرين ورغباتهم ولو على حساب حقوق الشخص وراحته، ضعف القدرة على إظهار المشاعر الداخلية والتعبير عنها أو على إبداء الرأي ووجهة النظر، الحرص الزائد على مشاعر الآخرين وخشية إزعاجهم، ضعف الحزم في اتخاذ القرارات والمضي فيها، ضعف التواصل البصري ونبرات الصوت، وأخيرًا التواضع الزائد عن حده في مواقف لا يناسب فيها ذلك.
بعض المفاهيم الخاطئة حول ضعف توكيد الذات:
تنتشر بعض المفاهيم الخاطئة عند الناس حول ضعف توكيد الذات، منها أن هذا هو الحياء المحمود شرعًا والمقبول عرفاً، وأنه من التواضع المطلوب، ومن لين الجانب والإيثار ومحبة الآخرين، أو أن يعتقد الشخص أنه يجب أن يكون محبوبًا من الجميع مقبولاً عندهم، ومعروفًا باللطافة والدماثة، وأنه يجب أن يقدم رغبات الآخرين ومشاعرهم على رغباته ومشاعره دائمًا، وألا يزعج مشاعر الآخرين أبدًا وألا يجرحها بإبداء مشاعره وآرائه وطلباته!
إبداء الرأي بوضوح:
بالنسبة إلى الشخص المؤكد لذاته، فإنه يتمتع ببعض الخصائص منها: التوافق بين مشاعره الداخلية وسلوكه الظاهري، والقدرة على إبداء ما لديه من آراء ورغبات بوضوح، والرفض والطلب بأسلوب لبق، كما تكون لديه القدرة على التواصل مع الآخرين بطريقة لبقة، (التواصل البصري اللفظي...).
وتتمثل خصائص السلوك التوكيدي في أنه وسط بين الإذعان للآخرين والتسلط عليهم وظلمهم، كما أنه يتوافق فيه السلوك الظاهري مع المشاعر والأفكار، وأنه مقبول شرعًا وعرفاً وعقلاً.
وللسلوك التوكيدي العديد من الفوائد، منها أنه يولد شعورًا بالراحة النفسية، ويمنع تراكم المشاعر السلبية (التوتر والكآبة)، فضلاً عن أنه يقوي الثقة بالنفس.
كما يحافظ به الشخص على حقوقه ويحقق أهدافه وطموحاته، ويعطي انطلاقًا في ميادين الحياة (فكرًا وسلوكًا) وهو من أهم طرق النجاح في الميادين المتنوعة.
هل يمكن التدريب على السلوك التوكيدي؟
من الممكن تحقيق ذلك عن طريق:
* وضع مدرج للسلوك التوكيدي المراد (من واقع حياة الشخص)
التعبير عن الرأي الشخصي بقناعة ورضا يبدأ فيه بالأهون ثم الأشد منه، بعد ذلك يتم التدريب على الجوانب الآتية
في الموافقة والمخالفة).
تعود الرفض بأسلوب مناسب (تؤكد مرادك دون ظلم غيرك).
التعبير عن المشاعر والعواطف الداخلية بصدق ووضوح.
تعود استخدام ضمير المتكلم (دون مبالغة) مثل: شعرت (بدل قولك الواحد يشعر..)
التدريب على التعبير البدني الملائم مثل:
- التواصل البصري.
-وضوح الصوت (نبراته عباراته).
- الجلسة والوقفة والمشية وحركات اليدين والرأس(تخدم الأسلوب التوكيدي).
- البدء بالتوكيد الأخف(الذي يحقق المراد بأدنى ثمن نفسي).
- التصاعد في التوكيد (زيادة درجة الحزم مع الطرف الآخر)
بالتدريج حسب الموقف دون الوصول إلى الظلم والعدوان.
أمثلة لضعف السلوك التوكيدي
* في السوق يلح البائع على المشتري لشراء بعض السلع التي لا يرغبها المشتري فيقوم المشتري بشراء ما لا يريده (ولو كان ثمنه مرتفعًا) لأجل أنه لا يستطيع أن يبدي عدم رغبته في الشراء (ضعف القدرة على الرفض).
* الاستمرار في الاستماع لشخص لا يهمك حديثه وفي وقت ضيق بالنسبة إليك (لديك موعد آخر مثلاً) فتحرج أن تعتذر إليه للانصراف (ضعف القدرة على إبداء الرغبة).
* عند الاستدانة يلح المستدين على الطرف الآخر لإقراضه مبلغاً قد يكون كبيرًا أو هو في حاجة إليه فيقرضه وهو كاره (ضعف القدرة على الاعتذار).
* شخص يتحمل أعباء (وظيفية أو اجتماعية) فوق طاقته وليست واجبة عليه ولا يريدها ولا يستطيع إبداء رأيه في ذلك.
* التنازل عن بعض القيم والمبادئ المهمة خجلاً من شخص (أشخاص) ما.
* شخص يطلب منك الهاتف الجوال ليكلم مكالمة خارجية فتعطيه إياه وأنت تعلم أنه سيطيل ولن يراعي مشاعرك.
م/ن
أستغفرك اللهم وأتوب إليك