الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وبعد:
قال الله تعالى
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} (107) سورة الأعراف
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} (32) سورة الشعراء
{فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} (20) سورة طـه
{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} (10) سورة النمل
{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِين} (31) سورة القصص
- وفي مواجهة موسى للسحرة لم يذكر الله أيا من هذه الألفاظ إنما قال الله {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (117) سورة الأعراف {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } (45) سورة الشعراء فما السر البلاغي في هذا الإختلاف ؟
- اختلفت الألفاظ في وصف الله لعصا موسى فقال في الأعراف والشعراء( ثُعْبَانٌ ) وقال في طه ( حَيَّةٌ ) وقال في النمل والقصص (جَانٌّ)
- الثعبان/ قال عنه أهل التفسير هو الذكر من الحيات كما جاء عند ابن جرير عن ابن عباس والسدي 0وهو أيضا الضخم من الحيات كما عند الألوسي والشوكاني في الفتح 0قال الفراء الثعبان أعظم الحيات
- والحية / وهو اسم جنس يشمل الصغير والكبير من الحيات كما عند أهل اللغة
والجآن / هو الصغير من الحيات أو هو المائل للصغر وسميت بهذا لخفتها وسرعة حركتها واختفائها واستتارها
هذه هي معاني هذه الألفاظ كما جاءت عند أصحاب التفسير0والسؤال لماذا جاءت هذه الألفاظ في هذه المواطن؟
- من الملاحظ أن لفظ (ثُعْبَانٌ) وهي أعظم الحيات جاء في سياق مقابلة موسى مع فرعون كما قال الله {قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (106) سورة الأعراف-{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} (107) سورة الأعراف وقال في الشعراء {قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (31) سورة الشعراء{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} (32) سورة الشعراء
وهذا الموقف وهذه المقابلة والمحاجة بين موسى عليه السلام وفرعون تحتاج إلى دليل واضح وحجة قوية دامغة وبرهان ساطع حتى يثبت موسى عليه السلام لفرعون صدق نبوته ولهذا قال {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ} (30) سورة الشعراء خصوصا أن فرعون كذب موسى عليه السلام {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ} (25) سورة الشعراء و{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} (27) سورة الشعراء فلما كان الموقف يحتاج إلى برهان ساطع وحجة قوية أتى الله بأعظم الحالات وأشد المواقف هولا ورعبا وقال{فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ}جاء عند ابن كثير أنها توجهت نحو فرعون لتأخذه فلما رآها ذعر منها ووثب وأحدث 0 وروى أهل التفسير أن هذا الثعبان فتح فاه فأصبح أسفله في الأرض وأعلاه أعلى القصر 0 فجاء اللفظ الأشد( ثُعْبَانٌ ) في الموقف الأشد(المحاجة) فيا له من تعبير0
- أما الحية فهي اسم جنس يشمل أنواعا مختلفة من ثعبان وجآن وغيره وقد جاء هذا اللفظ في القرآن مرة واحدة لما انقلبت العصا إلى حية وذلك لما كان موسى في الوادي لوحده {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} (20) سورة طـه وقد جاء على الأصل لأن هذا الموقف لا يحتاج لمحاجة ولا برهان
فانظر للدقة العجيبة في اختيار الألفاظ ........فسبحان من هذا كلامه
......صالح التركي
م/ن
أستغفرك اللهم وأتوب إليك