أيام معدودة قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الكريم شهر القرآن والعبادة
لقوله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
لعلكم تتقون "
فهدف الصوم استجابة العبد لربه لأنه أمرنا بذلك وهو فريضة تكفل هذه الاستجابة
ويكافئ عليه الله سبحانه تعالى عباده ، وهذا ما جاء في الحديث القدسي
" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا اجزي به "
وقد
تبين من خلال الدراسات العلمية والطبية الحديثة بالإضافة إلى الفوائد
الروحية والمعنوية التي يتمتع بها الصائم هناك فوائد صحية تفيد جسم الإنسان
وتجعله يتمتع بصحة جيدة وهذا ما نوقش في مؤتمر عقد بالدار البيضاء في
المغرب سنة 1994 تزعمه مجموعة من الباحثين العرب المسلمين وكذا الأجانب
وتوصلوا في بحوثهم التي تقر بأن للصوم فوائد عظيمة قد نجهلها وتتمثل في :
- راحة جهاز الهضم :حيث أن فترة الصيام يكون جهاز الهضم عند الإنسان باعتبار أن الكبد المسؤول على عملية استهلاك واستقلاب الأكل فعليه يأخذ
فترة الراحة في ذلك ، والمسلمين مقتدين بسنة رسول الله عند بدء الإفطار وهو
بأكل حبات تمر وعدم الإكثار من الأكل لقوله صلى الله عليه وسلم
ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه
وهذا
يضمن النشاط والإبتعاد عن الخمول بعد فترة الراحة والحكمة موجودة في صلاة
التراويح حيث أثبتت الدراسة أن تحريك العضلات والمفاصل في كل ركعة
تستهلك ما يقارب 10 حريرات.
ومن الفوائد الطبية البدء بحبات تمر كما جاء في السنة فالتمر غني بسكري
الغلوكوز والفركتوز فائدتهما ارتفاع السكر في الدم تدريجيا الذي يخفف
من شدة الجوع وفي نفس الوقت يفيد في الزيادة في الحاجة إلى الطعام .
- نقص الوزن المعتدل: إن الصيام ينقص استهلاك السكريات وبالتالي فإن مستوى السكر في الدم ينخفض وهذا يجعل الجسم يعتمد على مخزونه من السكر
لحرقه وتأمين الحريرات اللازمة للإستقلاب ، ويأتي مخزون السكر من الكبد
.بتفكيك
مادة الجليكوجين وتحطيم الدهون في النسيج الشحمي لتحويلها إلى حريرات
وطاقة لازمة لفعاليات الجسم وهذا ما ينتج عنه نقص معتدل في وزن الجسم
وينصح بالصيام إلى ذوو الوزن الزائد ولمرضى السكر الغير معتمدين على
الأنسولين.
- نقص مستوى كولسترول الدم:
أثبتت
الدراسات الحديثة ان إنخفاض مستوى الكولسترول في الدم أثناء الصيام
وانخفاض نسبة ترسبه على جدران الشرايين الدموية مفاده يقلل من الجلطات
الدماغية والقلبية ويساعد على تجنب ارتفاع الضغط الدموي ، لقوله – صلى الله
عليه وسلم " صوموا تصحوا ".
- استراحة الجهاز الكلوي:
أثبتت
الدراسات إن لجسم الإنسان القدرة على عدم شرب الماء من 10 إلى 12 ساعة
بسبب وجود مخزون كافي للسوائل وطالما الشخص لا يعني الحصى الكلوي فذلك يسمح
للكلتين بالإستراحة مؤقتا والتخلص من الفضلات ، وطبعا فالسنة النبوية
تقتضي بتأخير السحور
وتعجيل
الفطور مما يقلل الفترة الزمنية للتجفاف قدر الإمكان ونقص السوائل يؤدي
بدوره لنقص خفيف بضغط الدم يحتمله الشخص العادي ويستفيد منه يشكو ارتفاع
الضغط الدموي .
- فوائد تربوية ونفسية:
يفيد رمضان في كبح جماح النفس وتربيتها بترك بعض العادات السيئة وخاصة عندما
يضطر
المدخن ترك التدخين ولو مؤقتا على أمل تعوده وتركه بصفة نهائية وكذلك عادة
شرب الشاي والقهوة كثرة عند آخرين ، فالصائم يشعر بطمأنينة نفسية وفكرية
محاولا الابتعاد عن ما يعكر صفو صيامه ومنتبها على تصرفاته ومحافظا على
قوام السلوك الجيد طيلة فترة صيامه
لقوله صلى الله عليه وسلم : " الصيام جُنّة ، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم ." . وقد أثبتت دراسات عديدة انخفاض نسبة الجريمة بوضوح في المجتمعات الإسلامية خلال شهر رمضان الكريم.
ومن خلال ما رأينا فبالنسبة لمن يعانون الأمراض الخطيرة كالسكري الشديد
أو نقص تروية قلبية أو حصيات كلوية حادة ... فهم مستثنون من صيام شهر رمضان
لقوله عز وجل :
" فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "