الخوف ثلاثة أقسام :
الأول
: خوف السر وهذا خاص بالله ؛ لأنه القادر على كل شيء وهو الذي يخاف ويخشى .
كما قال تعالى : { فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُم
مُّؤْمِنِينَ } ، وقال تعالى : { وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ } . وقال : {
فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَونِ } . فالواجب خشية الله وخوفه ؛ لأنه
مصرف القلوب ومقلبها والقادر على كل شيء ، وهو الذي ينفع ويضر ، ويعطي
ويمنع ، فالواجب تخصيصه بالخوف وألا يخاف إلا الله في كل الأمور . ولكن خوف
السر يختص به سبحانه وهو كون الإنسان يخاف من أجل قدرة خاصة سرية ليست حسب
الحس . ولذلك يعتقد عباد القبور أن بعض الناس له القدرة على التصرف في
الكون مع الله جل وعلا ، ويعتقدون ذلك أيضا في الأصنام والجن وغيرها ، وهذا
هو الشرك الأكبر ، ويعتقد فيهم أيضا أن لهم القدرة على العطاء والمنع ،
وزيغ القلوب ، وموت النفوس دون أسباب حسية .
الثاني
: خوف الأسباب الحسية كما قال تعالى في قصة أُحُد لما قيل للنبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ إن المشركين قد جمعوا لكم وسيرجعون إليكم فأنزل الله في
ذلك : { إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخّوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } ، فالشيطان يخوف
الناس من أوليائه ، ويعظمهم في صدور الناس حتى يخافوهم ، والله يقول : {
فَلَا تَخَافُوهُمْ } ، بل اعتمدوا علي ، وأعدوا العدة ، ولا تبالوا بهم ن
كما قال تعالى : { وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّنْ قُوَّةٍ } ،
وهذا الخوف الحسي لا بأس به لكن الخوف القلبي خوف السر هذا هو المنهي عنه
أما الخوف الحسي ، مثل أن يخاف اللص أو السارق أو العدو ، فيعد العدة من
السلاح اللازم كل هذا لا بد منه ولهذا قال تعالى : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ } ، وقال سبحانه في قصة موسى لما
خرج من مصر خائفا من فرعون وقومه : { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا
يَتَرَقَّبُ } ؛ فإن هذا الخوف خوف حسي لا بأس به لكن لا يجوز خوف العدو
خوفا يمنع من جهاده ، ونصر الحق ، وإنما يحمله هذا الخوف على الإعداد للعدو
وأخذ الحذر .
الثالث
: الخوف الطبيعي الذي جبل عليه الإنسان وهذا لا حرج فيه مثل خوف الإنسان
الحية والعقرب والسبع ، فيتباعد عنها ويقتلها ويتباعد عن مظنة السباع حتى
لا يتأذى بها . هذا أمر لا بد منه . والله جبل الناس على الخوف مما يؤذي
حتى يتحرز منه ؛ يخاف البرد فيلبس الثياب الغليظة ، ويخاف من الجوع فيأكل ،
ويخاف العطش فيشرب . هذه أمور طبيعية لا بأس بها .