الرئيس مبارك ليس أقدم رئيس عربي يجلس علي مقعده، هو في المقدمة لكن ليس الأول، منذ أيام احتفل علي عبدالله صالح رئيس اليمن بالعيد الثاني والثلاثين لتوليه الرئاسة، وطبعًا هناك العقيد القذافي الذي يحكم ليبيا منذ واحد وأربعين عامًا، أما الرئيس مبارك فلا يزال فقط في العام الثلاثين لحكمه ويحب محبوه طبعًا أن يسبق هؤلاء في الرقم القياسي، وهناك من المنافسين علي عمادة رؤساء العرب زين العابدين بن علي الذي يحكم تونس منذ ثلاثة وعشرين عامًا أما عمر البشير رئيس السودان فهو قريب جدًا من عمر زين العابدين في الرئاسة، الأحدث قليلاً هو عبدالعزيز بوتفليقة لكنه جدد رئاسته للمرة الثالثة بعد تعديل الدستور ورغم مرضه، وكان الرئيس العراقي صدام حسين قد تجاوز الربع قرن لما غزت أمريكا بلاده فخرج عن حكمه بالاحتلال حيث لا يترك الرئيس في الوطن العربي بلده إلا إذا سلمه للاحتلال أو مات، واحتفل منذ أيام كذلك الرئيس بشار الأسد بالسنة العاشرة علي رئاسته سوريا استكمالاً وورثًا لرئاسة والده التي وصلت إلي ثلاثين عامًا ليلة موته، ومن ثم فإن أسرة الأسد تحكم سوريا منذ أربعين عامًا ولا يزال الحكم مستمرًا!
هؤلاء هم رؤساء الوطن العربي، فهل تُسمي هذا وطنًا؟
ثم هل تُسمي هؤلاء رؤساء؟
أما الوطن فلم يعد وطنا بل صار ضيعة وعزبة!
أما الرؤساء فقد صاروا سلاطين وقياصرة!
هل هناك بقعة علي الأرض فيها كل هؤلاء الحكام الأبديين الذين لا يتركون مقاعدهم إلا بالموت ويعيشون بينما تموت أوطانهم من الفقر والقهر وضعة المكانة بين دول العالم المتقدم؟!
الغريبة أنهم جميعًا -فيما عدا القذافي- يجرون انتخابات ويزورونها، وهم جميعًا يضعون معارضيهم في السجون والمعتقلات، وهم جميعًا علي قوائم أسوأ الرؤساء حكمًا واستبدادًا التي تنشرها المراكز البحثية المتخصصة في العالم، وهم جميعًا يطبقون قوانين الطوارئ!
طبعًا هناك فوارق في الدرجة والكفاءة ومدي قدرة البلد علي تحمل عبث رئيسه، لكن في النهاية النتيجة واحدة، كل هؤلاء مستبدون وأبديون يحكمون بلادًا عربية يعطلونها عن التقدم والتطور ويغرسونها في الجهل والمرض، ولا نجد دولة من هذه الدول متقدمة في أي شيء علي الإطلاق من أول الزراعة والصناعة وحتي التعليم والسياحة!
كلها دول مصابة بالإعياء الحضاري والعوأ الإنساني!
العالم المستبد كله من حولنا تحول إلي الديمقراطية، كل الدول والنظم الديكتاتورية في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية وآسيا ومعظم دول أفريقيا أصبحت دولاً ديمقراطية وشهدت خلال العشرين سنة الماضية انتخابات حرة وتداول سلطة وحرية ترشيح للرئاسة ورؤساءً جددًا.
إلا نحن في الوطن العربي!
ما زلنا نعيش مع الرئيس مبارك والقذافي وصالح وبشار والعابدين والبشير في القرون الوسطي!