" إرنستو تشي غيفارا "
ثائر أممي أصبح رمزاً وأيقونة للثورة والثوار في كل بقاع العالم ، ألهمت أقواله وأفعاله حركات التحرر والاستقلال ، ارتبط اسمه بالثورة على الظلم ومناصرة الفقراء والمنبوذين في كل مكان ، كرس حياته لمحاربة الامبريالية ، ورفض الاعتراف بقداسة الحدود القومية في الحرب ضد إجرام الولايات المتحدة الأمريكية .
بعد أكثر من أربعين عاما على مقتله على أيدي عملاء الاستخبارات الأمريكية ،
وبما أننا نعيش في عصر ما يسمى بربيع الثورات فقد خطر لي أن أقارن بين الأهداف الإنسانية النبيلة التي ناضل من اجلها جيفارا ، ومدى ارتباطها بالواقع الذي نعيشه ، فوجدت أن المقارنة مؤلمة ومضحكة في نِفَسٌ الوقت ،
لم تعد الثورة يا جيفارا تحمل تلك المعاني الجميلة والأبعاد الإنسانية النبيلة التي تعرفها ، فقد داهمنا قطار الثورات الأخرق وداس كل شي في طريقه ، وخرق كل الحواجز والمحرمات ،
فثوار " موديل 2011 " قلبوا كل المفاهيم والموازين ، حتى رجال الدين الذي كانوا يعتبرون الثورة خروجا على ولي الأمر وكانوا يعتبرونها " دنسا و كفرا " تخص الملحدين والشيوعيين ، هم أيضا ركبوا موجة الثورات وشوهوا كل معانيها ، فالدين يا " جيفارا " ليس أفيون الشعوب كما كنت تعتقد ، بل هو الآن سكّين الشعوب فرجال الدين يذبحون شعوبهم بفتاويهم وذلك باسم الديمقراطية والحرية الأمريكية ، وثوار هذا الزمان يعملون في خدمة العولمة ويتحالفون مع الشيطان ضد شعوبهم ، وكل ذلك يتم تحت مسميات ثّوًرٌيَة نبيلة ، ولكن الوسائل ملتوية والنتائج مرعبة ، فثوار هذا الزمان هم :
ثوار NATO ، وثوار CIA ، هؤلا الثوار لا يخجلون من المجاهرة بتحالفهم مع الصهيونية تحت مسميات براقة ، وكل ذلك يتم تحت مظلة دولية ومنظمات انسانية .
ثوار هذا الزمان خليط عجيب غير متجانس لا تدرك طعمه ، فبعضهم سرق أموال شعبه التي كان مؤتمن عليها ، وبعضهم جواسيس وعملاء قضوا جل حياتهم في الغرب وأمريكا ولا يعرفون شيئا عن هموم أوطانهم ، والبعض الآخر ينتمون لجماعات دينية تكفيرية متطرفة ،
والبقية الباقية منساقون وضائعون في هذا الخليط العجيب .
فـَ :
الثورة صارت تعني التخريب ... الحرية تعني الفوضى الهدامة ... الثوار تعني العملاء ...
الأحرار تعني الجواسيس ... الديمقراطية تعني الامبريالية ... حرية الإعلام تعني التدليس والبهتان ...
حقوق الإنسان تعني مصالح الأمريكان ... حماية المدنيين تعني قصف المدنيين ...
الاستعانة بالعدو تعني استغاثة مشروعة ... الجاسوسية تعني المعلوماتية ...
الاحتلال يعني التحرير ... التغيير يعني التدمير ... العمالة تعني تنسيق ... الخيانة وجهة نظر .
يا " جيفارا " ألم تسمع عندما نطقت القحباء بالفضيلة وفي موقف قالت :
إنّ الرئيس السوري بشار الأسد " فقد شرعيته " ، " لقد أخفق في الوفاء بوعوده ، لقد سعى إلى مساعدة إيران وقبل بذلك لقمع شعبه " ،
في قلب الفورات العربية وتحركات الشارع يشعر المرء بفخر الانتماء للأرض العربية ويتمنى تقبيل أقدام جيشنا العربي السوري المقدام والباسل الذي صنع ويصنع كرامة إنساننا العربي السوري ،
وأتوقع أنك لو كنت حيا ، لطلبت الانضمام والقتال في صفوف هذا الجيش البطل .
لأنك ستقاتل :
صعاليك من زمن آخر ، استعانوا بالمرتزقة والأوباش لتقتيل شعوبهم واستخدموا أسلحة فتاكة لمهاجمة جيشنا العربي السوري الأبي والمدنيين العزّل ..
إنهم صعاليك من زمن آخر ،
دُويلة قطر أصبحت الراعي الرسمي والأول للإرهاب في العالم ، وأنها البيدق والعميل الأساسي في اللعبة
" الصهيو أمريكية " التي تستهدف ، زعزعة الاستقرار في كل الدول العربية والإسلامية ، وتوريط أوروبا في حرب طويلة الأمد مع العالمين العربي والإسلامي ، بما يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية ، وإذ أقول ذلك ، فمن منطلق أن دُويلة قطر ، لم يُشهد لها أن قاما بأية مبادرة لتسليح المقاومة في لبنان ، وفلسطين ،
بل إنها مارست كل السياسات الإنبطاحية ، لتركيع حركات المقاومة ، وفتح المنافذ أمام إسرائيل للخروج من دائرة المقاطعة العربية ، فهذه الدويلة ، تحولت إلى جسم سرطاني ، لتخريب الدول العربية والإسلامية ،
حكام دُويلة قطر ، لهم استعداد وقابلية للتعامل مع الشياطين والملائكة وما بينهما ، بحدّ سواء ،
فهم وبحكم حجمهم القزمي ، يلهثون وراء أي كان ، لينفخوا أنفسهم ، وأنهم والحال كذلك أخبث من الشيطان نِفَسٌ ه ، وأنه يتوجب على كل العرب والمسلمين بل وحتى غير المسلمين ، الحذر منهم ، لأنهم وببساطة لا دين ولا ملّة لهم ، وأنهم وبعُقََدهم يستلذون عندما يشعرون أو يتوهمون ، أنهم يلعبون دورا ما، في مكان ما ، مع من هم الكبار في نظرهم ، كأمريكا وفرنسا وبريطانيا ..
الاستعانة بالشيطان هي قمة الكُفر بالله ، وقطر الشيطانة بقناتها " الخنزيرة " الملعونة ، أخت CNN ،
هما من بسطتا نفوذ الصهاينة ، وأججتا الأوضاع وأوجدتا الذرائع لاستقدام القوات الصليبية إلى ليبيا المسلمة ، وأوجدنا الظروف لاحتلال العراق ، مهد الحضارة العربية الإسلامية ، وهما من تحضّران لتفكيك سوريا واليمن ، بعد تفكيك وتقسيم السودان ، وهما من أشعلتا من جديد نيران الاختلاف بين المسلمين ، بإذكاء نيران الفتن النائمة ، وهما من تحولتا إلى أكبر خندق للنفاق والخداع بهدف تحريف مسار الشعوب العربية والإسلامية .
رأينا كيف رُفعت رايات فرنسا وبريطانيا وأمريكا ودول التحالف الصليبي في مدن بنغازي ومدن شرق ليبيا ،
فهذه إشارة صريحة على أن أي تغيير تريده لنا قوى الاستعمار الجديد ، سيبقينا في مغارة التخلف والجهل لعقود أخرى من الزمن ، والعراق المجروح خير مثال حي عن ذلك ، فديمقراطية الغُزاة محَت من حضارته ، ثقافة قنوات صرف المياه القذرة حتى لا أقول أكثر من ذلك ، علما هنا أن بغداد كانت تنعت في عهد الخليفة " هارون الرشيد "
بمدينة الحمّامات ، التي فاق عددها آنذاك الألف حمّام ، ما يعني أن شعب العراق ومنذ الأزل كان :
شعب النظافة ، وشعب الفكر والعقل .
إنهم يكذبون ويريدوننا أن نصدق ..
خلال السبعينات انتشرت في الأسواق سلسلة من الكتب التعليمية التي تحمل عنوان :
كيف تتعلم كذا دون معلم ...
وشملت السلسلة تعليم اللغات وقيادة السيارات والميكانيكا .... وحتى تعليم الزواج دون معلم ....
ومن المؤكد أنى سأبدأ بكتاب كيف تتعلم الوطنية دون معلم ؟ .
أكبر أستاذ للوطنية والثورجية والديمقراطية وحقوق الإنسان في عالمنا العربي هذه الأيام هو :
الشيخ حمد حاكم قطر ...
فهو يعلّمك يوميا من خلال محطة الجزيرة كيف تكون وطنيا دون معلم ...
وكيف تحارب الفساد ....وكيف تقاتل أمريكا ؟ … وكيف تنشر وتروج لأشرطة صدّام وبن لادن ؟ …
وكيف تمول جرائد لندن ؟ … وكيف تصنع من عبد الباري عطوان نجما ؟ .
وكيف تجعل من موزه زعيمة سياسية يشاد بها في برامج الجزيرة ؟ .
وكيف تسرق الحكم من أبيك ؟ … وكيف تقول لوالديك " أف " وكيف " تنهرهما " ؟ .
كل هذا : " دون معلم "
نعم ... في ظل العولمة تحوّل الشيخ حمد الذي لم يكمل تعليمه الابتدائي والذي لا يحسن قراءة سطرين باللغة العربية إلى منظّر وفيلسوف وثائر حمل على عاتقه العريض ليس فقط عبء زوجته موزه
( وثلاث زوجات من قبلها ) وإنما أيضا عبء النهوض بالأمة العربية على جميع الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية والفكرية وحتى النسائية .
ولتحقيق هذا الهدف النبيل أوجد الشيخ حمد محطة الجزيرة وجلب إليها عشرات الكتاب والصحفيين والإعلاميين العرب وأوكل إليهم هذه المهمة المقدسة ..
وزيّن المحطة بمجموعة من المذيعات الفاتنات ولا أحلى ولا أجمل .
إفتح جهاز التلفزيون على محطة الجزيرة في أي وقت من أوقات الليل أو النهار ستجد درسا في الوطنية دون معلم أو محاضرة في الاقتصاد دون معلم أو ندوة عن حقوق الإنسان دون معلم أو مؤتمرا عن ضرورة أن يقلب العرب أنظمة الحكم في بلدانهم حتى يتحرروا كما تحرر الشعب القطري .. دون معلم ..
وبين درس ودرس ... تقدم لك الجزيرة نشرة للأخبار فيها كل شيء... وعن أي شيء... إلا طبعا عن قطر! .
البرامج الحوارية الساخنة لمحطة شيخ قطر تضرب أمريكا تحت الحزام .... وتلعن ( أبو ) جورج بوش وأوباما وتشفى الغليل فعلا بل وتجعلنا ( أحيانا ) نكرَه ( ..... ) ونلعن الذين خلفوه ونبكى على حال العراق والعراقيين وأيضا نشتم جنود الاحتلال الأمريكي ..
وينتهي الدرس دون أن يسأل التلميذ معلمه : ومن أين انطلقت الطائرات التي احتلت العراق يا أستاذ ؟! . وتأتى الإجابة خجولة : من قطر يا ولدي .. ففي قطر وعلى مرمى حجر من مبنى محطة الجزيرة توجد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في العالم ! .
برنامج ( أكثر من رأي ) الذي قدّمه المذيع الأردني " الماسوني " سامي حداد يتناول في حواراته الساخنة حقوق الإنسان في العالم العربي التي تهضمها الأنظمة العربية غير الديمقراطية التي تديرها أجهزة الأمن والمخابرات ويكاد حدّاد ينفلق حزنا على المصريين والليبيين والفلسطينيين والسعوديين ..
لأنهم عانوا الأمرّين من حكامهم ..
لا يستثنى منهم إلا الشيخ حمد لأنه يقبض منه .. وملك الأردن لأنه يخاف منه ..
وينتهي الدرس بسؤال : وماذا " يا سامي حداد " عن الشعب القطري ؟ . ومخابرات قطر ... وسجون قطر ... وحاكم قطر الذي يدير البلاد التي سرقها من أبيه ، كما يدير مزارعه ويتعامل مع شعب قطر كما يتعامل مع البقر في إسطبلاته ؟ .
ماذا عن المخابرات الأردنية التي تمتلئ سجونها بمعتقلين لا يعرفون التهم المسنودة إليهم ! .
أدير مؤشر التلفزيون على برامج محطة الجزيرة .. فلا أرى خبرا واحدا عن فضائح وزير الخارجية القطري الذي تبين وكما نشرت " نيوزويك " أن له عدة حسابات بنكية سرية في بريطانيا اكتشفتها وكتبت عنها كل وسائل الإعلام في الكرة الأرضية إلا محطة الجزيرة وجريدة القدس ! .
ربما لأن الأولى مصابة بالطرش .. وجريدة أبو عطوان مصابة بالحول ! .
أنتظر برنامج لـ : " جمانة " بفارغ الصبر .. لعل المذيعة صاحبة العيون الجريئة المتوحشة تثير حكاية الوزير القطري الذي يخبئ في قصره عددا من الإرهابيين .. أو لعلها تفتح حوارا حول أولاد الشيخ حمد الذين وضعهم تحت الإقامة الجبرية .. أو لعلها تسأل المشاهدين عن رأيهم في الوزير القطري الذي ذبح أختيه كما تذبح النعاج لأسباب أخلاقية .. أو لعلها وبدلا من أن تفتح المجال للكلام عن بنات صدّام حسين أن تتكلم ولو بشكل مختصر عن الشيخة القطرية " حَمده " التي هربت مع شاب مصري إلى القاهرة .
هذه الأخبار قرأنا عنها في جميع وسائل الإعلام العالمية .. باستثناء الجزيرة .. وجريدة القدس .. وبرنامج
" جمانة " صاحبة العيون الصاروخية والشفايف القرمزية التي تذكرني بذلك المشهد المثير لأحمد رمزي ولبنى عبد العزيز في فيلم " العنب المر" وتحديدا في الإسطبل الملحق بالقصر ..
وحتى أكون دقيقا في الغرفة التي حوّل الممثلان القش فيها إلى غرفة نوم ! .
كله كوم ... والإخونجي السابق " أحمد منصور" كوم ..
ففي إحدى حلقات ( شاهد على العصر ) وأثناء لقاءه مع شفيق الحوت بكى أحمد منصور ..
وذرف الدموع لما جاء ذكر المعاناة المأساوية التي يعيشها فلسطينيو لبنان في مخيماتهم ..
ولولا لحسِه من ذوق لاقترحت انتخاب ( أحمد منصور ) رئيسا للفلسطينيين وصاحب محطة الجزيرة
الشيخ ( حمد ) نبيا للشعب الفلسطيني و إماما لهم ..
وعجبت من شفيق الحوت لأنه لم يسأل أحمد منصور : لماذا يقوم صاحب محطة الجزيرة بفتح سفارة لإسرائيل في الدوحة ..
لماذا يتآمر على الفلسطينيين كل يوم .. لماذا سمح بهتك عرض العراق والعراقيين ..
لماذا تحولت ( الدوحة ) إلى ماخور سياسي كبير ! .
هل أصبحنا في زمن تحاضر فيه المومس عن الشرف يا أستاذ ؟ .
الجواب : نعم
لا يعنى هذا أنى لست من زبائن الجزيرة .. فأنا ( والله العظيم ) من مشاهدي المحطة ..
وأكثر ما يعجبني فيها مذيعاتها .. أموت ببحة صوت المذيعة الجزائرية ( خديجة ) وأعشق لغة التمرد في عيون ( جمانة ) ويسيل لعابي على رقبة الزرافة التي تحملها المذيعة المثيرة ( فيروز ) ..
أما قارئة الأخبار ( إيمان ) التي فيها كل شيء إلا " الإيمان " فنشرتها الإخبارية :
لا أضيّع منها كلمة .. أو همسة .. أو غمزه .. أو لمسة .. أو حتى ( آه ) واحدة ..
وأتمنى لو كان عندي جهاز تسجيل حتى أسجل " نشرتها الإخبارية "
على شريط فديو لأشاهده على إنفراد .. ولأستعيد ما فيه من كلمات .. وهمسات .. ولمسات ... وتأوهات .. نشرة الأخبار من الجزيرة هي النشرة الإخبارية الوحيدة التي ينتصب لها ( ... قلمي )
.. ويقف لها ( ...فؤادي ) إجلالا .. ويظل واقفا إلى حين .
أنا من عشاق محطة الجزيرة .. ومن أشد المعجبين بمندوبها في موسكو ..
ومراسلها الحربي الذي يتأتئ في بغداد ..
ومحللها السياسي " جميل عازر " الذي نخيف بصورته الأطفال والقرفان دائما لسبب نجهله ..
ولا أنسى الملا " تيسير علوني " مراسل الجزيرة في كابول و " فيصل القاسم " صاحب أحلى باروكة شعر بين المذيعين والمذيعات الأحياء منهم والأموات .
أنا محب لمحطة الجزيرة ومتيم ببرامجها وعاشق لمذيعاتها ..
ومثلى الأعلى في الإعلام والفكر والسياسة هو قطعا صاحب المحطة ( سمو الشيخ حمد )
الذي لم يستمع إلى نصيحة الدكتور " أحمد الكبيسي " فيخفف من هذا الكرش الهائل الذي :
يعلوه رأس كبير ودماغ يزيد وزنا عن وزن بطيخ الشام ..
والذي كلما رأيته على شاشة الجزيرة تذكرت بيتا من الشعر يقول :
جسم البغال ... وأحلام العصافير ...
استرح في رقادك يا " جيفارا " فلقد مت وأنت تحتفظ بكل المعاني الجميلة والأهداف النبيلة للثورة والثوار ، بينما يصارع الأحرار والشرفاء في سورية العربية للدفاع عن أنِفَسٌ هم وتبرير مواقفهم وتوضيح الأمور وكشف الزيف وإيقاف النزيف ، ولكن ضجيج الآلة الإعلامية اقوى بكثير
" وصوت الغوغاء طغى على صوت الحكماء " ، فهم يعانون من حالة اغتراب ، وهم كالأيتام على موائد اللئام ولا أحد يسمعهم إلا القليل ، وتذهب أصواتهم هباءً كمن يصرخ في وادٍ سحيق .