كنا أيام عبدالناصر مُولعين بالأغانى.. نغنى يا صحرا المهندس جاى… أما الآن فنحن نغنى أوباما جاى.. كنا نراهن على أنِفَسٌ نا.. أما الآن فنحن دائمًا فى انتظار جودو.. المخلص والمهدى المنتظر.. ومسيح آخر الزمان.. وعودة صلاح الدين الأيوبى.. طبعًا أنا لا أدعو لعودة أيام عبدالناصر والاتحاد الاشتراكى، ومراكز القوى والتنظيم الطليعى، ولكننى أتساءل فقط ما هى كل هذه الضجة على حضور أوباما.. مصر كانت كبيرة قوى ووزنها كبير قوى.. قبل وبعد زيارة أوباما.. ابنتى سألتنى هل ستقابل أوباما!
اندهشت من السؤال.. وما الداعى؟ قالت: تجرى معه حديثًا تليفزيونيًا.. لماذا؟.. لكى تخبره عن توقعات الناس الغلابة منه.. وتسأله هل سيتحدث عن ملف الحريات فى العالم العربى.. وهل سيتحدث عن الديمقراطية.. وعن حقوق الإنسان.. قلت لها هو يعرف كل شىء.
إنسان العالم الثالث مثله مثل حال أى إنسان زنجى أيام العنصرية والكيل بمكيالين.. تشارلز سيميك أمير شعراء أمريكا عندما حكى حاله فى إحدى قصائده الصادمة قال.. كلب يحاول أن يخط قصيدة عن سر نباحه.. هذا أنا يا قارئى العزيز.. وحينها حاولوا أن يركلونى من المكتبة وحذرتهم أن لى مولى خفيًا وقويًا.. وبرغم ذلك ظلوا يسحلوننى على الأرض من ذنبى.
أتمنى أن يقرأ الرئيس الأمريكى تقرير منظمة العفو الدولية الذى ملخصه أن الظلم يضع العالم على برميل بارود.. والمنظمة قالت إن سجل أوباما فى مجال مكافحة الإرهاب متباين.
ونحن لا نريد خطابًا بروتوكوليًا على طريقة الوشفول ثينكينج (التفكير بالأمنيات).. على طريقة جيمس جونز، مستشار الأمن القومى الأمريكى.. عندما قال إن أوباما سيطلق سياسة اليد الممدودة للمسلمين من القاهرة.. وهنا تنفجر الأسئلة: هل سيطلق أيضًا يد إسرائيل لتواصل مذابح هولوكست جديدة ضد الفلسطينيين..
وهل سيطلق يد القوات الأمريكية فى العراق لتواصل تدمير دولة عريقة شهداؤها يتساقطون كل يوم.. وهل سيطلق قواته فى أفغانستان لتقتل جرذانًا وقططًا وأشجارًا تختبئ رعبًا فى أحراش الجبال هناك.. وهل سيطلق يد صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لمواصلة إفقار الشعوب أم ماذا؟
عبدالرحمن الأبنودى عنده قصيدة جميلة يقول فى ختامها: «الحل من جوه» رائع بالطبع أن تكون هناك مساندات وتدعيمات من الخارج.. ولكن المراهنة عليها وحدها لن تؤدى إلى حل حقيقى لمشاكلنا.. المعونة الأمريكية الاقتصادية هى ليست بمليارات الدولارات، إنما فقط مائتا مليون دولار، والثمن الذى دفعته مصر وتدفعه حتى الآن ثمن فادح.. واسألوا أى مصرى.
«المصرى اليوم» عندما سألت عم جمعة الجناينى فى جامعة القاهرة عن أمنياته حول زيارة أوباما قال ياريت يحسنوا مواصلات العياط شوية.
دمروا أحلامنا فى النهوض وفى السلام.. أفقرونا فانخفض سقف الطموحات إلى أدعية الناس الغلابة.. الستر والصحة يارب.