كشفت التنقيبات الأثرية في مستوطنة الأنصاري قرب حي "الحمدانية" عن جدران أبنية فخارية تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وذكرت مدينة أرمان وأرمانوم، وربما تكون حلب، من قبل الملك سرغون الأكادي وحفيده نرام سن في القرنين الرابع والعشرين والثالث والعشرين ق.م كما ذكرت في محفوظات مملكة إيبلا في العام 2250 ق.م تحت اسم "خلم"، وذكرت باسمها الحالي "حلب" عندما كانت عاصمة مملكة يمحاض في محفوظات مملكة ماري (تل الحريري قرب البوكمال) وفي ألالاخ (تل عطشانة قرب أنطاكية) وفي حتوشا (العاصمة الحثية قرب أنقرة) ولم تتكلم حلب بعد عن نِفَسٌ ها بوثائقها الكتابية المنبثقة من تربتها بالذات، ولعل الصدفة تسمح يوماً بكشف محفوظات مملكة يمحاض في القلعة أو في تل العقبة أو في التلة السوداء أو في الأنصاري أو في سواها، فنحصل بذلك على مزيد من الوثائق المادية التي تبين حضارة مدينتنا في تلك الفترة الموغلة في القدم.
أما عن الوثائق المادية المتوفرة حالياً والتي تبين قدم المدينة فنجد الكتابة الهيروغليفية الحثية على حجر بازلتي أعيد استعماله في جدار جامع القيقان في حي العقبة (وتذكر الكتابة اسم الآلهة هبة شاورما والملك تلمي شاورما ابن تلبينو الكاهن الأكبر ملك حلب) وتعود إلى القرن الرابع عشر ق.م، كما هناك الحجر البازلتي الذي وجد منذ عام 1929 في قلعة حلب ونقل إلى حديقة المتحف الوطني وفيه صورة رجلين مجنحين في حالة حركة أمام قرصين يمثلان الشمس والقمر، ويعود هذا النقش إلى القرن العاشر ق.م، وقد كشف في التنقيبات الأثرية التي تجري منذ سنوات في القلعة من قبل بعثة ألمانية – سورية مشتركة عن 34 لوحاً بارزاً مماثلاً في معبد حثي من الفترة نِفَسٌ ها، كما كشف عن أحجار تأسيس ضخمة لمعبد آخر من الألف الثاني ق.م، وأملنا كبير في أن تظهر أعمال التنقيب المستمرة كل عام رقماً فخارية كتابية تتحدث عن تأريخ حلب في تلك الفترة.