** بعد36 سنة مرت علي حرب أكتوبر.. جنرالات المقاهي وجدوا ضالتهم في الفضائيات الشقيقة ليناقشوا حرب هي أم لا وتحريك أم تحرير؟.
لا اعتبار للشهداء الذين قدموا حياتهم دفاعا عن قضية وأرض وعرض ولا وزن للمعارك الشرسة التي دارت وملاحم الشجاعة والفداء والرجولة التي حدثت والإصابات التي تركت بصمتها علي مقاتلين فقدوا أجزاء من أجسامهم وارتوت الأرض بدمائهم فداء للوطن في حرب العزة والشرف والكرامة…
أخطر ما في هذه القضية أن ملايين الشباب في الأمة لا يعرفون شيئا عن حرب أكتوبر وملاحم الشجاعة الهائلة التي شهد لها العدو وقتها ويشكك فيها بعض الأشقاء الآن وكأنه يعز عليهم أن يبقي في تاريخنا رمز لم يتم تشويهه!.
لهذا السبب استعرضت الأسبوع الماضي كيف انتقلنا من مرحلة هزيمة وانكسار في1967 إلي إعداد واستعداد لليوم القادم حتما!. عرضت سريعا مرحلة تهدئة الجبهة عقب هزيمة5 يونيو ومرحلة الرد بحذر من نوفمبر1967 ثم حرب الاستنزاف من7 مارس1969 وحتي8 أغسطس1970 ومرحلة الإعداد النهائي للحرب واستمرت38 شهرا ثم شرحت الموقف علي الجبهة في أخطر ساعات سبقت الحرب ابتداء من4 أكتوبر1973 وحتي فجر يوم6 أكتوبر الذي شهد بزوغه إتمام دخول صواريخ الدفاع الجوي إلي مواقعها في الليل وكانت ختام الاستعداد!. وضحت أنه علي الجبهة خمس فرق وثلاثة ألوية و2000 مدفع علي امتداد160 كيلو من السويس وحتي بورسعيد وعلي أرض المطارات220 طائرة جاهزة للقيام بواحدة من أهم ضربات الطيران في تاريخ الحروب!.
قلت إن خطة خداع العدو أذهلت العالم كله وعنصر المفاجأة كان مفاجأة للعدو ولكل الدنيا وأكدت أن موشي ديان وزير دفاع العدو حضر صباح6 أكتوبر للجبهة بعد تلقي إسرائيل معلومة بأن المصريين سيشنون حربا شاملة يوم6 أكتوبر وحضر ديان وشاهد بنِفَسٌ ه الجبهة ولم يجد علي الضفة الغربية للقناة شيئا واحدا يوحي بأن المصريين سيحاربون وعاد إلي تل أبيب وأكد لهم هناك أن الجبهة هادئة ولم يكن يدري أنه الهدوء الذي يسبق هجوما كاسحا بضربة جوية مميتة دمرت مركز قيادة العدو في سيناء وكل الاحتياطيات الموجودة في سيناء والمدفعية أطلقت في53 دقيقة ثلاثة آلاف طن ذخيرة ولنا أن نتخيل الهلاك الذي أنزلته بالعدو وتحت السماء لا تري زرقتها من تتابع دانات المدافع بدأ اقتحام المشاة للقناة وتلك وحدها أسطورة لأنه مع أول ضوء يوم7 أكتوبر كان علي أرض سيناء2000 دبابة و80 ألف مقاتل وأعتذر هنا عن خطأ غير مقصود الأسبوع الماضي في العنوان الذي قال إنهم100 ألف مقاتل…
خلال16 ساعة من الثانية بعد ظهر6 أكتوبر وحتي السادسة صباح7 أكتوبر اقتحم القناة80 ألف مقاتل مصري و2000 دبابة خلاف أعداد لا حصر لها من معدات وعتاد وذخيرة ومؤن ومياه وسيارات.. ويقيني ويقينكم أنها مسألة مستحيلة ولو فكرنا في نقل80 ألف شخص فقط بقوارب ومعديات من شرق النيل إلي غربه أو العكس فالمؤكد أن الأمر سيستغرق وقتا أطول وهذا يوضح عبقرية تخطيط وشجاعة مقاتلين يستحيل إغفالها أو التشكيك فيها.. ما علينا وأعود إلي ما انتهيت إليه الأسبوع الماضي يوم7 أكتوبر وقبل الحديث عن تفصيلات ما حدث في هذا اليوم والأيام التالية أستأذن حضراتكم أن أستعرض سريعا أهم ما قام به جيش مصر من إغارات وعمليات وكمائن واشتباكات مع العدو والخسائر التي أوقعها بالعدو خلال حرب الاستنزاف التي كانت جزءا أساسيا من خطة حرب أكتوبر وبعدها نعرف معا ماذا حدث في أكتوبر:
1ـ جيش مصر نفذ بنجاح54 إغارة وكمينا علي العدو منها عشر إغارات داخل إسرائيل!.
2ـ المدفعية نفذت4110 اشتباكات مع العدو وشهر أكتوبر1969 سجلت فيه المدفعية المصرية أعلي معدلاتها وضربت العدو462 مرة وأي اشتباك لم تقل الوحدات المشاركة فيه عن ثلاث كتائب مدفعية.. أما القناصة والأسلحة الصغيرة فلم تتوقف لحظة علي مدار اليوم طوال حرب الاستنزاف وقطعت رجل العدو علي الضفة الشرقية للقناة بنظرية’ اللي يفوت يموت واللي تراه العين يراه القبر!.
3ـ القوات البرية المصرية تفوقها حاسم علي العدو ويشهد علي ذلك خط بارليف الذي تدمر تماما خلال حرب الاستنزاف وتم بناؤه بتكلفة242 مليون دولار حسبما قالوا هم والخبراء الذين حضروا وقتها للبناء من أمريكا وفرنسا وبلجيكا.. وبعد حرب الاستنزاف أعيد بناء خط بارليف بتكلفة500 مليون دولار والرقم وفقا لتصريحاتهم.
4ـ حتي20 يوليو1969 طيران العدو يضرب علي الجبهة فقط والطيران المصري مع الدفاع المصري لم يمكنوه من إصابة أي أهداف علي امتداد الجبهة وهذا ما دفع الصهاينة إلي الإعلان عن خطة الضرب في العمق ضد الأهداف المدنية ونفذوا35 غارة جوية من يناير وحتي شهر يونيو سنة1970 وفي أسبوع واحد فقط اصطدناهم بعد أن اكتملت منظومة الدفاع الجوي وخلال الأيام من30 يونيو وحتي5 يوليو1970 أسقطنا20 طائرة سبع منها وقعت عندنا وأسرنا أربعة طيارين.
5ـ أشهر أسير للعدو هو النقيب دان أفيدان واصطاده كمين لقوة من الفرقة الثانية شرق سرابيوم اقتحمت القناة وعادت به وقامت الدنيا هناك لوقوعه في الأسر لأنه قريب رئيسة الوزراء جولدا مائير التي جعلت دولا كثيرة تتوسط للإفراج عنه إلا أنه بقي في الأسر إلي ما بعد حرب أكتوبر وخرج مع بقية الأسري!.
6ـ أهم عمليات الإغارة التي أوقعت خسائر فادحة بالعدو تلك التي تمت علي لسان بورتوفيق وخسر فيها العدو37 قتيلا بخلاف الجرحي وتدمرت أربع دبابات وعادت قوة الصاعقة التي نفذت الإغارة بجوز أسري وتلك العملية غاية في الجرأة لأنها إغارة صاخبة استخدمت فيها لنشات وليس قوارب وسبقتها تحضيرات مدفعية وتمت في النهار وفعلنا ما فعلناه جهارا نهارا والرسالة وصلت واضحة بأنه لا نهار ولا ليل ولا مانع مائي ولا بارليف ولا دبابات ولا كل سلاح الدنيا يحميهم أو يمنع وصولنا إليهم!.
7ـ أشهر اقتحام للقناة من حيث عدد المقاتلين المصريين نفذته كتيبة مشاة بالكامل من الفرقة18 في سبتمبر1969.. اقتحمت القناة جنوب منطقة البلاح واحتلت مساحة كبيرة من الأرض في سيناء لمدة48 ساعة ولم يتمكن العدو من الاقتراب منها وعادت بعدما صدرت إليها الأوامر بالعودة للغرب.. وهذه العملية الجريئة في ذلك الوقت أوضحت الكثير من النقاط الخاصة بعملية الاقتحام بأعداد كبيرة من المقاتلين إضافة إلي أنها تطعيم للمقاتل المصري علي اقتحام القناة.. عملية ترفع الهمم في غرب القناة وتخسف بالروح المعنوية للعدو في الشرق!.
8ـ أهم عملية جوية نفذها نسور الجو المصريون في11 سبتمبر1969 بضربة جوية جاءت نسخة مصغرة لضربة6 أكتوبر وفيها اخترقت طائرات مصر الحربية حاجز الصوت فوق القناة ودمرت جميع الأهداف المحددة لها في سيناء وعادت جميعها سالمة إلي قواعدها.
9ـ القوات البحرية نفذت عمليتين تكلم عنهما العالم كله!. رجال الضفادع البشرية المصريون فعلوا ما لم يحدث من قبل في العالم كله.. أغاروا علي ميناء إيلات ثلاث مرات ومعروف أن الضفادع إن اقتحمت مكانا لا تعود له لأنه سيكون في انتظارها ألغام وكمائن ومصائب الدنيا.. لكن صاعقة مصر البحرية قلوبهم لا يعرف الخوف طريقا إليها وأغاروا علي إيلات في نوفمبر1969 وفي فبراير1970 ثم يونيو1970 ونسفوا الميناء في واحدة من أهم عمليات الضفادع البشرية في تاريخ الحروب.
والعملية الثانية نفذتها الصاعقة البحرية مع المخابرات العامة المصرية التي رصدت حفارا عملاقا اسمه كيتين في ساحل العاج والعدو استعان به لأجل القيام بعمليات تنقيب عن البترول في خليج السويس والذي قرره الصهاينة غطرسة وغرور وبجاحة لكنهم وقعوا في أيدي المخابرات العامة التي لا ترحم في مثل هذه الأمور ووضعت خطة محكمة تم تنفيذها باقتدار والحفار العملاق راقد من فبراير1970 في قاع البحر بساحل العاج بعملية عرفت بعدها أجهزة المخابرات العالمية أن في مصر أمنا قوميا يده تطول ما بعد الحدود بحدود وحدود!.
10ـ الشاطئ الآخر من خليج السويس من شرم الشيخ حتي رأس سدر ومن سبتمبر1969 إلي7 أغسطس1970.. تحت السيطرة الكاملة لنا لأن في مصر أسطورة اسمها المجموعة39 وهم مقاتلون من طراز لا مثيل له في العالم ويقودهم أسطورة شجاعة اسمها إبراهيم الرفاعي!.
11 ـ نحن اليوم في7 أكتوبر1970.. علي أرض سيناء80 ألف مقاتل بمواجهة168 كيلومترا من السويس وحتي بورسعيد وبعمق4 وحتي5 كيلومترات من القناة والقوات المصرية دمرت كل احتياطيات العدو وأخلت المنطقة التكتيكية من العدو فيما عدا النقاط القوية المحاصرة التي لم تسقط بعد وبحلول الليل يوم7 أكتوبر كانت قد سقطت18 نقطة والمتبقي13 فقط!.
في صباح7 أكتوبر العدو قام بضربة جوية علي نِفَسٌ تخطيط ضربة5 يونيو1967 لكنها بطائرات أكثر وأحدث!. في5 يونيو ضربة العدو الجوية دمرت جميع المطارات وأغلب الطائرات وأصبح جيش مصر في سيناء بدون غطاء جوي! في7 أكتوبر1973 الطائرات أحدث وأكفأ وأفضل وعددها أكثر ومع هذا لم تتمكن من الوصول إلي أي مطار أو هدف حيوي لأن لمصر الآن درعا يحمي سماءها وسيفا يطول أعداءها!. وقت العربدة في سماء مصر انتهي لأنه علي أرض مصر الآن قواعد صواريخ دفاع جوي لا ترحم ولدي مصر طيارون مقاتلون شجاعتهم نادرة وكفاءتهم مبهرة وهذا ما تأكد العدو منه في الجحيم الذي حققته ضربة6 أكتوبر الجوية وفي الكمائن التي نصبتها الطائرات المصرية لفانتوم وميراج العدو وبحلول ليل يوم7 أكتوبر خسائر العدو في الطائرات وفقا لتصريحاتهم54 طائرة.
لم يرحل يوم7 أكتوبر قبل أن يسلمنا القنطرة شرق التي كانت عقبة ومشكلة لأن بها6 نقاط قوية متجاورة تشكل حائط صد محكما.. أربع نقاط في الوسط تحميها نقطتان علي الأجناب وكم النيران الذي تشكله النقاط الست القوية في كل الاتجاهات يجعل محاولة التفكير في الاقتراب منها نوعا من الانتحار.. ومع ذلك وقعت وسقطت النقاط الست والقنطرة بأكملها ولم تعلن القيادة الخبر إلا يوم8 أكتوبر بعد التأكد نهارا من عدم وجود جيوب للعدو في مدينة القنطرة!.
12 ـ فجر8 أكتوبر.. القوات جاهزة من ساعات الليل لصد أي هجوم مضاد من أي اتجاه ومع حلول الفجر تأكدت القيادة من أن الهجوم المضاد مجهوده الرئيسي القطاع الأوسط شمال وجنوب الإسماعيلية والموجودة فيه الفرقة الثانية بقيادة جنرال عظيم اسمه اللواء حسن أبوسعدة.
القيادة المصرية تعلم أن العدو يعتمد علي أسلوب واحد في الهجوم هو الاختراق بأقصي سرعة والدبابات سرعتها من40 وحتي60 كيلومترا وهي سرعة كبيرة جدا في عالم الدبابات بميدان قتال.. وشارون أحد صقور الصهاينة له مقولة عسكرية شهيرة: اهجم بأقصي سرعة بحيث لا تجعل العدو ينجح في تعمير الطلقة الثانية لمدفعه!.
خطة اصطياد الصهاينة في الهجوم المضاد وضعت المشاة في النسق الأول الدفاعي والخط الثاني الدفاعي علي شكل نصف قوس وفيه الدبابات المصرية والصواريخ المضادة للدبابات لتطبق من كل جهة علي مدرعات العدو المندفعة بأقصي سرعة وهي لا تدري أنها تجري نحو هلاكها!.
ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين. من أول نهار يوم8 أكتوبر كيسنجر يتزعم حركة عالمية لأجل عدم تدخل أي دولة في العالم ولو ببيان عما يدور في الشرق الأوسط!. كيسنجر كل ما يريده أن يصمت الجميع إلي أن يمر يوم8 أكتوبر علي اعتبار أن القوات الصهيونية ستقوم بهجوم مضاد لا يتوقف إلا في مدينة السويس بحيث تشرق شمس يوم9 أكتوبر وجيش إسرائيل ومدرعاته في الغرب ووقتها تقول دول العالم ما يحلو لها!. هذه الخطة.. خطة الهجوم المضاد التي وضعها الأمريكان في البنتاجون وسافر ضباط أمريكيون انضموا إلي هيئة عمليات العدو وهذا ما قاله ديفيد أليعازر في مذكراته!. كيسنجر يوم7 أكتوبر التقي مع وزير الخارجية المصري محمد حسن الزيات فماذا حدث؟. كيسنجر قال للزيات بالحرف الواحد: أنصحكم بعودة قواتكم فورا للغرب لأن خسائركم ستكون فادحة!.
إذن نحن سنواجه هجوما مضادا كاسحا لن يتوقف إلا غرب القناة!. الخطة الأمريكية تنفذها ثلاث فرق مدرعة. الفرقة143 بقيادة شارون. الفرقة162 بقيادة إبراهام أدان. الفرقة252 بقيادة إبراهام ميندلر. الخطة الأمريكية كما قال ديفيد أليعازر رئيس الأركان الصهيوني في مذكراته.. هدفها إرباك القوات المصرية بتحقيق نصر له أبعاد سياسية وإعلامية أكثر من كونه نصرا عسكريا من خلال عبور القوات الإسرائيلية إلي الضفة الغربية واحتلال مدينة السويس علي أن يتم ذلك قبل طرح الولايات المتحدة قضية الحرب علي مجلس الأمن!. أمريكا لم تضع في اعتبارها أي وزن للقوات المصرية شرق القناة وكأنها غير موجودة أو أن اختراقها وتدميرها وعبور القناة مسألة مؤكدة!.
خطة أمريكا أن تهاجم الفرقة162 الجيش الثاني من الشمال إلي الجنوب وتهاجم الفرقة252 الجيش الثالث من الجنوب إلي الشمال علي أن تتلاقي الفرقتان عند نقطة واحدة هي الدفرسوار ومنها العبور إلي أرض أفريقيا وهو الاسم الذي يطلقه الصهاينة علي غرب القناة باعتبار شرقها أرضا آسيوية!. أما الفرقة الثالثة التي يقودها شارون فهي علي النسق الثاني للقتال لدعم أي من الفرقتين!. تري ما الذي جري؟.
13 ـ الفرقة162 تقدمت بسرعة من الشمال إلي الجنوب واخترقت النسق الأول للمشاة وهللت القيادة الإسرائيلية باعتبار الخطة نجحت.. هللت وهي لا تعلم أنه مستحيل أن تنجح لأن المواجهة من الفرقة الثانية للجيش الثاني الذي يقوده جنرال عظيم هو اللواء سعد مأمون ولأن الفرقة الثانية يقودها جنرال مصري عظيم هو اللواء حسن أبوسعدة الذي أذاق برجاله المر للصهاينة الذين تصوروا أنهم سيخترقون دفاعات المصريين ولن يوقفهم أحد!. تصوروا هذا إلي أن وجدوا أنفسهم في أتون نيران رهيب من كل جهة بعد اختراقهم نسق المشاة الدفاعي الذي كان فخا لاستدراج الصهاينة بخطتهم الأمريكية ومدرعات العدو المندفعة بأقصي سرعة وجدت نِفَسٌ ها في قبضة المدرعات المصرية والصواريخ المضادة للدبابات والتي أطبقت عليها من ثلاث جهات هي جهنم الحمراء والأمر لم يستمر طويلا والخطة الأمريكية توقفت عند هذا الحد لأن الفرقة162 الصهيونية المدرعة ضاعت و147 دبابة تدمرت وأحلام الوصول إلي القناة تبخرت! الفرقة الثانية المصرية صنعت مجدا عسكريا ما بعده مجد.. فكر وتخطيط وتنفيذ غير مسبوق وخطة استدراج العدو شربها الصهاينة وخسائر رهيبة في المعدات والأرواح والأسري لا عدد لهم.. عمركم س
معتم عن رفع كتيبة بأكملها من الخدمة بعد قتل وأسر كل ضباطها وأفرادها؟. هذا حدث وكتيبة مدرعة صهيونية ضاعت عن آخرها وقائدها العقيد عساف ياجوري في مقدمة الأسري!.
14 ـ نهار8 أكتوبر انتهي ودبابات الصهاينة التي نفدت بجلدها من المذبحة تجري بأقصي سرعتها للشرق بعيدا عن جحيم الفرقة الثانية!. كيسنجر عندما عرف الحقيقة قال تصريحه الشهير: لقد حقق المصريون نصرا في الشرق الأوسط ولن تعود العجلة للوراء. هذا التصريح جاء أول اعتراف من العالم بالانتصار المصري.
15 ـ نحن في يوم9 أكتوبر وقبل أن تشرق شمس اليوم شارون يهاجم بفرقته المدرعة الفرقة16 المصرية بقيادة جنرال عظيم هو اللواء عبدرب النبي حافظ. شارون قام بـ11 هجوما مضادا متتاليا علي الفرقة16 ولم ينجح في اختراق متر واحد من دفاعاتها!. شارون تدمرت له114 دبابة وانسحب بما بقي لديه من دبابات!.
16 ـ خسائر العدو الرهيبة في الأرواح والدمار الهائل في المدرعات يضاف لهما الشجاعة النادرة والكفاءة الفائقة للمصريين.. هذه العوامل مجتمعة دفعت وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان لأن يلقي خطابا في التليفزيون.. خطابا لم يذع إلا مرة واحدة وحظرت جولدا مائير رئيسة الوزراء إذاعته بل ومنعت ديان من الكلام بل وعينت متحدثا عسكريا لا أحد غيره يتكلم!. جولدا مائير اعتبرت خطاب ديان تدميرا للروح المعنوية للشعب والجيش!. لو المساحة تسمح لنشرت نص الخطاب لكنني أشير إلي بعض ما جاء فيه. ديان قال: المصريون يمتلكون أسلحة كثيرة ونحن غير قادرين علي التغلب علي دفاعاتهم وعلي أسلحتهم وعلي إسرائيل أن تنسحب بقواتها إلي أماكن آمنة وسوف أطلب العودة إلي غرب المضايق وعلينا أن نفكر في تسليح الإسرائيليين للدفاع عن أنِفَسٌ هم!.
17 ـ نحن في يوم10 أكتوبر وفي هذا اليوم أسرنا دبابات بأطقمها والمفاجأة أنها كانت علي الزيرو وفي تبة الطاليا دبابة للعدو تدمرت وعدادها لم يكمل الـ250 كيلو مترا. وهذا معناه أن استعاضة الخسائر فورية والدبابة التي نحرقها يأتي غيرها فورا والبركة في ترسانة الأسلحة الأمريكية التي فتحت جسرا جويا يعمل ليل نهار مابين أمريكا ومطار العريش!. المهم أن العدو حاول أن يقوم بهجوم شامل علي امتداد الجبهة وفشل وفي هذا اليوم اكتمل استيلاء القوات المصرية علي مركز قيادة العدو.. تبة الطاليا وتبة الشجرة وجبل المر وجلبانة!. في هذا اليوم عينت جولدا مائير قادة جددا في الجبهة!. بعد يوم10 أكتوبر معارك متفرقة وسباق بيننا وبين العدو علي احتلال خط تقسيم المياه.. وهو خط وهمي علي امتداد الجبهة يمر بالهيئات الحاكمة علي مسافة من12 وحتي15 كيلو شرق القناة ويعطي فرصة لمن يحتله أن يحكم سيطرته بالنيران علي أي أراض حتي غرب المضايق علي بعد30 كيلو شرق القناة.
العدو أسقط لواء مظليا للاستيلاء علي الكنتور100 إلا أن الفرقة الثانية احتلته قبل أن يصل المظليون إلي الأرض وانتظرتهم بنيران أبادت أغلبهم..
الهجوم المضاد الذي وضعته أمريكا فشل وخسائر الصهاينة تخطت الـ500 دبابة وآلاف الجرحي ومئات الأسري أما القتلي فالعدو يقترب من الأربعة آلاف قتيل والذي قال هذا موشي ديان في مذكراته التي قال فيها إن حرب أكتوبر تسببت في قتل واحد من كل ألف إسرائيلي ووقتها تعداد إسرائيل قارب علي الأربعة ملايين نسمة..
……
……
هذا ما حدث في الاستنزاف وأكتوبر وهذا ما يشككون الآن فيه علي الفضائيات…
طيب.. لو كانت تمثيلية فهل شارك الصهاينة فيها بأربعة آلاف قتيل؟
كل هذه الانتصارات الهائلة لنا وكل هذه الخسائر الفادحة لهم ويقولون: تحريك أم تحرير؟
يا حبيبتي يا مصر…