إذا كنا نريد خيرا بمصر.. فعلى الدولة تأكيد سيادتها في ما ستصدره من قرارات لاحقة على الهجوم الذي نفذته الميليشيات القبطية فجر الأربعاء الماضي على الممتلكات وقوات الأمن واغلاقها شارع الهرم والطريق الدائري وما أحدثته من تخريب في المباني الحكومية والخاصة.
ما حدث هو خرق للقانون بداية من مخالفة تصريح البناء ثم الإصرار على المخالفة تحت حماية الميليشيات وتغطيتها بغطاء ديني أوحى لشباب مغرر بهم أن يقاتلوا من أجل المخالفة وإن قتلوا في سبيلها فهم شهداء مما أدى إلى تجميع ثلاثة آلاف شاب مفتولي العضلات مدربين تدريبا عاليا على الكر والفر، على التجمع في مساحة 500 متر لا تؤدى فيها صلاة أو مناسبة دينية، جاءوا من كل حدب وصوب في أنحاء مصر، من الشمال والجنوب، والشرق والغرب، على نحو غير مسبوق.
وأخيرا الغطاء الديني من البابا شنودة نفسه الذي يشجع الشباب القبطي على تكرار ما فعلوه موحيا لهم في عظته بالكنيسة بأن الله الذي صبر من أجلهم سيغضب على من يضطهدهم، وأن نهاية الدولة المصرية سيكون نِفَسٌ نهاية الدولة الرومانية التي اضطهدتهم ومنعت عباداتهم وكنائسهم، وفي النهاية اعتنقت المسيحية بمرسوم رسمي.. تشبيه قال أحد القساوسة وفق صحيفة المصري اليوم إنه اسقاط مباشر على أحداث العمرانية!
البابا بدلا من أن يستنكر على صناع الفتنة فتنتهم التي ستأكلهم قبل أن تأكل البلد، ألقى باللوم على من يحاول تطبيق القانون على الجميع بالمساواة دون تفرقة دينية، مستهينا بالبناء بدون ترخيص، كأنه مطلوب من المحافظة أن تغض الطرف عن مخالفة لا داعي لها وحمايتها بالبلطجة، مع أن المحافظ اللواء سيد عبدالعزيز كما يقول الكاهن مينا ظريف قال لهم (مبروك عًلُيَكُمً الكنيسة) عندما أجابه "مينا" بأنهم سينتظرون 7 سنوات لو طلبوا الترخيص بشكل رسمي!
لكنهم احجموا عن الانتظار حتى تغيير الترخيص بناء على تقديم رسومات هندسية جديدة منهم التي طلبها المحافظ واعدا بأنه سيسرع في في اجراءاته. لم تكن لديهم نية لوقف البناء يوما أو يومين، فقد أعدوا ميليشياتهم ويرغبون في فرض أمر واقع وسابقة بلطجة كنسية على أعلى مستوى من القيادات والميليشيات للضغط على الدولة مستقبلا.
وللأسف الشديد يشير تعليق البابا على الحادث والقاؤه باللوم على الدولة على أنه كان على علم بكل ما سيحدث، وهذا أيضا يشير إليه بوضوح تعليق أسقف الجيزة بعد عودته من ألمانيا واجتماعه مع البابا لمدة ساعة عقب عظته الأسبوعية التي تعهد فيها بغضب الرب على الدولة التي ستتحول لاحقا وفقا اسقاطه إلى دولة مسيحية!
أدري أن الدولة قالت لهم "مبروك عًلُيَكُمً الكنيسة" في ضعف واضح وخنوع وجبن.. فما الذي يضطرها إلى ذلك.. هل هي التهديدات التافهة التي يلقيها أقباط المهجر؟!.. دعهم يهددون فما الذي يستطيعون فعله؟ّ!.. طلب المد الأمريكي؟!.. دعهم يطلبون؟!.. أمريكا لا تستطيع أن تفعل شيئا تجاه سيادة مصر على مواطنيها جميعا وقدرتها على تطبيق قانونها وإذا إرادت أن تفعل فدعوها تجرب!!.. قد تخشاها الحكومة لأن قلبها ضعيف وبيدق.. لكن مصر ليست هي الحكومة ولا الحزب الوطني. والبيت الأبيض بعد تجاربه المريرة في الصومال والعراق وأفغانستان غير مستعد أن يجرب مغامراته مع الشعور الإسلامي للمصريين..
نقول هذه الكلمة من أجل سلامة المسيحيين المصريين أنِفَسٌ هم.. عليهم ألا يغتروا بمساندة تأتيهم من الخارج.. ألا ينخدعوا بأراجيف منظمات المهجر التي أعلنت يوم الأربعاء الماضي مساندتها لحرب تهدد بها أثيوبيا لقطع النيل عن مصر وتتوعد بالإنتصار فيها!
ما تعلنه هذه المنظمات لو سانده أقباط الداخل فهو خيانة عظمى تستوجب محاكمة من يقول بها خصوصا أنها تناشد اسرائيل المساندة لطرد المحتلين العرب المسلمين من مصر..
هذه النداءات لا تقدر عواقب الأمور على إخوانهم المسيحيين في الداخل إذا ما نظرت إليهم الأغلبية المسلمة بأنها سيؤيدون تعطيشهم وتجويعهم وسيكونون طابوا خامسا لأثيوبيا واسرائيل!
ثم من عنده الدليل على أن المسيحيين المصريين هم سكان مصر الأصليين وأن المسلمين هم العرب القادمون من الجزيرة العربية.. أليس الاسم القديم لهم الذي عرفناه وعرفه أباؤنا وأجدادنا هو "الخواجات".. ماذا يعني "الخواجة" في قاموس عاميتنا المصرية؟!
الدراسات التاريخية تؤكد أن السكان الحاليين من المسيحيين ليسوا أحفاد الفراعنة، فهم نتاج هجرات بشرية متتالية بعد الفتح الإسلامي لمصر بعد أن نشر فيها العدل والمساواة وانقذ مسيحييها الذين دخلوا في الإسلام أفواجا وتحولوا كلهم إليه بعد قرنين فقط، أما هؤلاء المسيحيون الموجودون حتى اليوم والذين يعيشون في أمان وتتوفر لهم كل حقوقهم الدينية والإجتماعية والسياسية فهم هجرات يونانية وأرمنية وغيرها جاءت عقب حقب تاريخية مختلفة حمل لها المصريون الذين أصبحوا كلهم مسلمون الود والاحترام كجاليات تجارية اقتصادية ووهبوها اسم "الخواجات" الباقي حتى الآن وهو مسمى يميزهم ولا ينال منهم أو يحقر من شأنهم.
فقد كانوا دائما يعيشون في جيتوهات منغلقة.. ولهم أيضا سحنتهم المختلفة.. يهتمون بتجارتهم واقتصادياتهم التي انتشرت بطول مصر وعرضها وأشهرها محلات بيع الخمور، والنجارة، والخياطة، ولم يكن لهم يوما اهتمام بالسياسة أو الانتخابات..
لاحظ أن المرشحين الأقباط للانتخابات الحالية بلغوا 140 مرشحا من بينهم 22 عن الأحزاب حيث رشح الحزب الوطني وحده عشرة على قوائمه، وذلك يحدث لأول مرة في تاريخ مصر القديم والحديث.
نأتي إلى حكاية الكنائس نِفَسٌ ها. البلطجة يتم تصويرها الآن على أنها مقاومة شرعية لرفض الدولة اعطاء تراخيص بها مع أن عددها في مصر يفوق عدد المسيحيين باعتراف نجيب ساويرس في حفل لجمعية رجال الأعمال يوم الخميس الماضي لدرجة أن معظمها – حسب قوله – فارغة!
نسبة الكنائس إلى المسيحيين ضعفي نسبة المساجد إلى المسلمين.. ومساحات الكنائس والأديرة في مصر مئات أضعاف مساحات المساجد في جميع الدول العربية بما فيها المسجد الحرام والمسجد النبوي!
مساحة دير أبو قانا لوحده تبلغ 600 فدان.. الفدان الواحد يساوي 4200 متر مربع. وفي دراسة على الانترنت مقارنة بين مساحة هذا الدير ومساحات أماكن العبادات الشهيرة في العالم.. فدولة الفاتيكان كلها على سبيل المثال 44 من مئة كيلو متر مربع، ومساحة المسجد الحرام 365 من ألف كيلو متر مربع، ومساحة المسجد الأقصى 144 من ألف كيلو متر مربع ومساحة الأزهر 12 من ألف كيلو متر مربع.
أي أن مساحة المسجد الحرام تساوي 365 ألف متر مربع، فيما يتسع لـ 773 ألف مصل، ويعني ذلك أن نصيب المصلي الواحد 46 من مئة متر مربع، فإذا كان المصلي المسيحي يحتاج إلى مثل تلك النسبة فمعنى ذلك أن دير أبو قانا الذي يبلغ مليونين و520 ألف متر مربع يكفي لحوالي خمسة ملايين ونصف مليون مصل في وقت واحد وهذا العدد يفوق عدد المسيحيين في كل مصر حسب التقديرات الدولية وأبرزها الفاتيكان.
الحقيقة الغائبة حول كنائس مصر
فراج إسماعيل
28-11-2010 00:25
هجوم الميليشيات القبطية يوم الأربعاء الماضي يظل أهم من الانتخابات التي تجري اليوم، فوحدة مصر واستقرارها وأمن شعبها في خطر داهم الآن بعد أن تبين جليا أن قلاع الكنائس المتزايدة ليست للعبادة، بل تحصينات منيعة تنطلق منها القوات الخاصة والمدربة لتهديد أمن الناس وممتلكاتهم بقيادة جنرالات حرب من الكهنة والقساوسة!
ما هي الحيثيات التي استند إليها هاني عزيز مستشار البابا عندما طلب أمس من محسن حفظي مساعد وزير الداخلية لأمن الجيزة الإفراج عن 157 معتقلا من الميليشيات التي عاثت في الأرض فسادا وتخريبا كأنهم فوق القانون والدستور!
لا ينبغي أن تنتهي الكارثة نهاية غير قانونية، وهذا نِفَسٌ ه ما كنت سأطالب به لو كان المشاغبون مسلمين. لكي تحقق الدولة العدالة ولا تنتقص من هيبتها عليها ألا تتساهل في ذلك مجاملة للبابا أو لغيره أو كرد فعل على اعتذار شفهي قيل أن وفد الكنيسة قدمه أمس لمحافظ الجيزة سيد عبدالعزيز.
المطلوب أيضا التوقف عن منح تراخيص بناء كنائس جديدة دون دراسة مستفيضة لحاجة كل منطقة، فالخارطة الجغرافية للقاهرة والأسكندرية والطريق الدائري تعج بزحمة من الكنائس ذات القلاع والقباب الشاهقة، حتى أن الغرباء يظنون من أول وهلة أنهم داخل مدن وتجمعات تكدس من المسيحيين.
كثرة الكنائس أضفت على مصر طابعا مسيحيا. سرعة هائلة لاستصدار تراخيص بنائها على المداخل والمخارج دون داع. إذا زرتها لا ترى سوى كهنتها فلا يوجد حولها أو قريبا منها سكان مسيحيون، كمدينة الرحاب التى بنى فيها نجيب ساويرس كنيسة كبيرة خاوية طول الوقت، ولما سألت: لماذا لم يبن مدرسة أو مستشفى مثلا؟!.. قيل لي إنه قام بتشييد طريق على حسابه يربط القاهرة بالرحاب واشترط مقابل ذلك أن يهدي كنيسة إلى البابوية الأرثوذكسية!
تتوسع الكنائس ذات القلاع والخرسانات المسلحة والأسوار العالية على حساب ما حولها من الأراضي والمنازل والمحلات التجارية بدفع مبالغ طائلة لشرائها وضمها إليها فيما ينذر بخطر تحويل البلاد إلى دولة دينية مسيحية يسكنها الكهنة فقط على غرار الفاتيكان.
كل ذلك خصما من بيوت يسكنها الناس وأراض يزرعونها ومحلات ومستوصفات تقدم خدماتها إليهم ومصانع ومؤسسات يعملون وينتجون من خلالها ومدارس يتعلمون فيها!
كيف يمكن أن نتقبل ظهور كنائس جديدة ذات أبراج شاهقة تعلوها الصلبان المضيئة دون حاجة لها في أشهر الميادين والشوارع، ولماذا التساهل من المحافظين في استصدار التراخيص لها، وما الثمن الباهظ الذي يراد أن يدفعه المجتمع نتيجة لذلك الاستهتار الحكومي؟!
يقول تقرير صادر من مجلس الوزراء إن السنوات العشر الأخيرة شهدت زيادة 400 كنيسة بواقع 40 كنيسة كل عام، وأن الدولة منحت أراضي كثيرة لإنشاء كنائس عليها، وخاصة في مشروعات المدن الجديدة التي لم تبن بعد!
وفي تقرير الحالة الإجتماعية الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام أن عدد المسيحيين يقل عن الكنائس بنسبة 10%، في حين أن المسلمين يزيدون كثيرا عن عدد المساجد بما فيها الزوايا الصغيرة أسفل البيوت والعمارات وتلك المبنية من الطوب اللبن على الترع والأنهار وفي القرى!
تزيد مساحة دير وادي النطرون عن ألف و200 فدان، أي يعادل مدينة صغيرة، ويحيط به سور ضخم مرتفع على امتداده باب واحد ومجموعة من الأبراج العالية المحصنة يصل ارتفاعها الى 16 مترا وبها فتحات يحتمي الحراس خلفها، ويصل ارتفاع البرج في دير (أبو مقار) مثلا إلى 60 مترا .. فما حاجة دار عبادة إلى ذلك؟!
جميع مساجد مصر لا تعادل مساحة دير وادي النطرون وحده.. فأي غبن يلقاه الأقباط في بناء دور عبادتهم، وماذا يراد أكثر من ذلك؟!
ملحوظة: أمس اتصلت بي شخصية كبيرة ومحترمة ترجوني التوقف، فأخبرته أن تلك المعلومات المتداولة والمعروفة، لو كانت عن المساجد ما ترددت لحظة في الكتابة عنها والتحذير منها. ولو اقتنعت بأن ظلما وقع على الأقلية القبطية سأكون أول المدافعين عن حقوقهم كمواطنين.. هكذا يأمرنا الإسلام وشريعته العادلة. أكتب ما كتبت وسلامة مصر ومجتمعها المسلم والمسيحي في خاطري ويشهد على ذلك مقالات سابقة أغضبت مني البعض.