الإخوان يدفعون ثلاثين ألف جنيه يوميا للدستور .. صحفي مصري يستغرب قدرته على نقد مبارك وعجزه عن نقد خامنئي في نِفَسٌ الصحيفة المصرية
المصريون ـ خاص : بتاريخ 15 - 2 - 2009
أبدى الصحفي المصري المعروف فراج إسماعيل اندهاشه الشديد من قدرته على نقد حكومة بلاده في صحيفة الدستور المستقلة بينما لا يستطيع أن ينتقد الحكومة الإيرانية في نفس الصحيفة ، معتبرا أن اللوبي الإيراني في مصر أصبح أقوى وأكثر نفوذا من الحكومة المصرية ذاتها ، لدرجة أن مرشد الثورة الإيرانية أصبح له حصانة في صحف مصرية لا يحظى بها الرئيس مبارك نِفَسٌ ه ، وكان فراج إسماعيل الذي ينشر مقالا أسبوعيا في صحيفة الدستور قد فوجئ برفع مقاله من صفحة الرأي قبل الطبع مباشرة بسبب انتقاده للنظام الإيراني وبعض تصريحات آية الله خامنئي مرشد الثورة الإيرانية ، حيث أخبرته إدارة الصحيفة أن انتقاد إيران “خط أحمر” يسبب لها حساسيات ومشاكل ، دون توضيح لطبيعة المشاكل أو الحساسيات ، وأكد فراج إسماعيل أن جماعة الإخوان المسلمين أوقفت مؤخرا انفاقها على الدستور والمتمثل في دفع ثمن ثلاثين ألف نسخة يوميا (ثلاثون ألف جنيه مصري يوميا) كنوع من الدعم مقابل فتح مساحات نشر للجماعة والدفاع عن مواقفها ومصالحها ، وأضاف فراج في مقاله الذي نشره أمس بعنوان “المحور الإيراني في مصر” قائلا : (لقد اكتشفت بعد أن أتيح لي أن أكتب في “الدستور” وهي صحيفة خاصة مصرية حملت في نسختها الثانية لواء الحرب على “التوريث”، أن عناوين “كفاية” ومقاومة استمرار الرئيس مبارك في الحكم، ما هي إلا عملية تمويه على الرأي العام للايحاء بأن هناك صحافة شجاعة تتحدى السجون والمعتقلات وتكتب ضد الرئيس وأسرته ما تريد، بل وتنشر بدم بارد إشاعات عن صحته كأنها تقرير طبي رسمي، دون أي إعتبار لأبسط المعايير المهنية! والحقيقة أن الرأي العام أذكى من هؤلاء بكثير، فالصحيفة التي كان زائعة الصيت في نسختها الأولى وقدمت نوعا جديدا من الصحافة الشجاعة في مصر، تراجعت مبيعاتها لحد خطير، حتى أن صاحبها يفكر الآن في الغاء الإصدار اليومي خصوصا بعد أن توقفت جماعة الإخوان عن شراء 30 ألف نسخة منه) ، وأشار فراج إسماعيل إلى اندهاشه من الاتصالات المباشرة والدائمة بين مكتب رئيس تحرير الدستور ومكتب حسن نصر الله الأمين العام لتنظيم حزب الله اللبناني ، ويضيف قائلا : (هذه الشجاعة في إنتقاد الرئيس “مبارك” فقط، عاجزة عن السماح بكتابة كلمة واحدة ناقدة لإيران، بل يرى رئيس تحرير إحدى صحف المحور الإيراني بمصر ـ يعني الدستور ـ أن ذلك خط أحمر. وهنا يتندر بعض المحررين بالإتصالات التليفونية المباشرة مع مكتب السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني وبالسؤال المستمر عن “توجيهاته” بعد كل خطاب أطل فيه ليتهم مصر بالتواطئ مع العدوان الإسرائيلي على غزة! )وفي إشارة إلى ما تردد عن تحول رئيس تحرير الدستور إبراهيم عيسى إلى المذهب الشيعي وتبنيه الخطاب الإيراني المذهبي والطائفي أضاف فراج إسماعيل قائلا )شيئ مؤسف أن يقدس بعض صحفيي مصر إيران إلى هذا الحد، وأن يظنوا عن جهل إنها جنة الله في الأرض، وأن يقوموا بالوكالة عنها بمهمة تصدير ثورة الخميني إلى الشعب المصري، على النحو الذي يفعله الأستاذ ابراهيم عيسى في سلسلته الغريبة التي يقدمها بإحدى القنوات الفضائية التي تبث على قمر النايل سات باسم “الطريق إلى كربلاء” مرتديا زياً أسود! ، والحق أنني كنت أستهين بالاتهامات التي وجهت لعيسى بسبب أرائه المتطرفة في سلسلتيه السابقتين “الرائعتان” عن سيرة السيدة فاطمة الزهراء والسيد عائشة رضي الله عنهما، و”الرائعان” عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهي أراء حذفها الفكر الشيعي المتطور من تاريخه، ويرفضها علماء الشيعة ويستهجنونها بشدة ، كنت أعتقد أنها إتهامات منطلقة من سوء فهم بسبب خلفيته في هذه الأمور التي تعتمد على ثقافة “التيك أواي”.. فهو صحافي وليس مفكرا أو باحثا متخصصا، لكني شعرت بعمق الأزمة، من خلال المنهج الذي سار عليه في “الطريق إلى كربلاء” المخالف لقوانين البث الفضائي المصري الذي يحظر كل ما من شأنه الإضرار بالأمن الديني للمجتمع، وما يسيئ إلى المذاهب والأديان ويسبب الفتنة الطائفية.)
فراج إسماعيل أشار في مقاله إلى أن هناك صفقة “غريبة” يتم الترتيب لها حاليا بمقتضاها يشتري رشيد محمد رشيد وزير الصناعة المصري ومؤسس جمعية المستقبل التي يرأسها جمال مبارك نصف أسهم الشركة التي تصدر صحيفتي الدستور وصوت الأمة .
المحور الإيراني في مصر!
فراج إسماعيل
عندما كتب الصحافي السعودي المعروف داود الشريان عن الإعلام المصري في حرب غزة، واخفاقه في الدفاع عن صورة مصر، ومشاركته في تشويهها، قصد واقعا مريرا اشتركت كل الأطياف الأيديولوجية في صنعه. من تيار الإسلام السياسي إلى الناصريين والقوميين واليساريين!
إعلام مصر المعارض للرئيس الراحل أنور السادات وقف معه وآزره في وجه الرفض العربي الشامل لاتفاقية كامب ديفيد، واعتبر – كما يقول الشريان – الحملة عليه حملة على مصر، فيما قام إعلامها في حرب غزة بتصفية حساباته مع النظام، والانحياز للمحور الإقليمي الذي شن معركة تكسير عظام غير عادية لتهميش الدور المصري والتقليل من أهميته والسخرية منه، والتصريح في كل وقت بأن أوراق اللعبة أصبحت في يد إيران، وبأن قطر، الدولة الصغيرة، صارت هي الشقيقة الكبرى الفاعلة، حتى في أزمة الصومال البعيدة قارياً عنها!.
واستغلت الصحافة الخاصة الإيرانية الهوى في مصر، استضافة قطر للرئيس الصومالي الجديد الشيخ شريف شيخ أحمد عقب فراره من مقديشو بعد الهجوم الأثيوبي، ثم عودته متوجاً بمنصب الرئيس، بمثابة برهان يؤكد ما لدى قطر من بعد نظر، وأنها تفهم ما لا يعيه أو يفهمه القائمون على السياسة المصرية الذين فرطوا في مناطق نفوذهم وتأثيرهم، ففقدوا كل شيئ، حتى القضية الفلسطينية التي كانت الوحيدة الباقية لهم!
ثم جن جنون هذه الصحافة عندما اكتشفت أن التأثير يقاس بالجغرافيا والتاريخ والثقافة والعوامل البشرية والعسكرية وليس بقناة تليفزيونية، وكان ذلك عندما بدأ الرئيس أوباما عهده بالاتصال بالرئيس مبارك والملك عبدالله بن عبدالعزيز، متجاهلا ما تسميه تلك الصحافة بالقوى الصاعدة في المنطقة.
وتقمص أحدهم شخصية الممثل عبدالمنعم مدبولي في مسرحية ريا وسكينة وكتب مقالا بعنوان جملة اشتهرت على لسانه “كل شيئ انكشفن وبان”. يعني بها أن أوباما مثل بوش لمجرد أنه اتصل بالرئيس مبارك وليس بأحمدي نجاد أو غيره من جناح الممانعة، وهذا يعني في إعتقاده أنه مثل سلفه يساند التوريث في مصر!
أسقط في يدهم أن تنجح قناة “العربية” بمهنيتها العالية في إصطياد أول حوار مع أوباما، فهم لا يعرفون المعايير المهنية وإعلامهم قائم على لغة التحريض والابتزاز ولوي الحقائق والصراخ والعويل!
لقد اكتشفت بعد أن أتيح لي أن أكتب في “الدستور” وهي صحيفة خاصة مصرية حملت في نسختها الثانية لواء الحرب على “التوريث”، أن عناوين “كفاية” ومقاومة استمرار الرئيس مبارك في الحكم، ما هي إلا عملية تمويه على الرأي العام للايحاء بأن هناك صحافة شجاعة تتحدى السجون والمعتقلات وتكتب ضد الرئيس وأسرته ما تريد، بل وتنشر بدم بارد إشاعات عن صحته كأنها تقرير طبي رسمي، دون أي إعتبار لأبسط المعايير المهنية!
والحقيقة أن الرأي العام أذكى من هؤلاء بكثير، فالصحيفة التي كان زائعة الصيت في نسختها الأولى وقدمت نوعا جديدا من الصحافة الشجاعة في مصر، تراجعت مبيعاتها لحد خطير، حتى أن صاحبها يفكر الآن في الغاء الإصدار اليومي خصوصا بعد أن توقفت جماعة الإخوان عن شراء 30 ألف نسخة منه.
هذه الشجاعة في إنتقاد الرئيس فقط، عاجزة عن السماح بكتابة كلمة واحدة ناقدة لإيران، بل يرى رئيس تحرير إحدى صحف المحور الإيراني بمصر أن ذلك خط أحمر. وهنا يتندر بعض المحررين بالإتصالات التليفونية المباشرة مع مكتب السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني وبالسؤال المستمر عن “توجيهاته” بعد كل خطاب أطل فيه ليتهم مصر بالتواطئ مع العدوان الإسرائيلي على غزة!
لقد تمكن المحور الإيراني من بعض الصحف الخاصة في القاهرة، وحقق فيها من تشويه لصورة مصر، ما عجز عنه إقليميا، مستغلا مناخ الحريات الذي أتاح لبعض الصحافيين المصريين أن يكتبوا ما يشاءون ضد رئيسهم، والذي يصل أحيانا حد التطاول والوقاحة، وهو أمر لا نشاهد مثيله في صحافة الغرب والولايات المتحدة!
في ذروة الحملة السياسية على مصر بقيادة طهران، فوجئ عمال الطباعة في مؤسسة الأهرام بمقال عنيف جدا في صحيفة “صوت الأمة” التي تصدر مع “الدستور” عن مؤسسة واحدة، بقلم رئيس تحريرها الدكتور عبدالحليم قنديل الذي يتزعم حركة كفاية. ولأن العبارات التي اشتملها لا يمكن تمريرها تحت أي حرية صحافة، فقد امتنعت الأهرام عن الطباعة، حتى تم حذفه.
في المقال الذي وصلني نصه بالكامل، يوجه الكاتب إهانة فجة للرئيس مبارك، مدافعا عن هجوم حسن نصر الله ضد الموقف المصري من أحداث غزة، منتقدا رد وزير الخارجية المصري أبو الغيط على ذلك الهجوم. تلك الإهانة لو حدثت في عهدي عبدالناصر أو السادات لذهبت أوراقه إلى المفتي!.. وفي الواقع فإنها شتيمة وسب علني يعاقب عليها القانون لو قيلت ضد أي أحد في قهوة أو في الشارع أو على ناصية الطريق!
شيئ مؤسف أن يقدس بعض صحفيي مصر إيران إلى هذا الحد، وأن يظنوا عن جهل إنها جنة الله في الأرض، وأن يقوموا بالوكالة عنها بمهمة تصدير ثورة الخميني إلى الشعب المصري، على النحو الذي يفعله الأستاذ ابراهيم عيسى في سلسلته الغريبة التي يقدمها بإحدى القنوات الفضائية التي تبث على قمر النايل سات باسم “الطريق إلى كربلاء” مرتديا زياً أسود!
والحق أنني كنت أستهين بالاتهامات التي وجهت لعيسى بسبب أرائه المتطرفة في سلسلتيه السابقتين “الرائعتان” عن سيرة السيدة فاطمة الزهراء والسيد عائشة رضي الله عنهما، و”الرائعان” عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهي أراء حذفها الفكر الشيعي المتطور من تاريخه، ويرفضها علماء الشيعة ويستهجنونها بشدة.
كنت أعتقد أنها إتهامات منطلقة من سوء فهم بسبب خلفيته في هذه الأمور التي تعتمد على ثقافة “التيك أواي”.. فهو صحافي وليس مفكرا أو باحثا متخصصا، لكني شعرت بعمق الأزمة، من خلال المنهج الذي سار عليه في “الطريق إلى كربلاء” المخالف لقوانين البث الفضائي المصري الذي يحظر كل ما من شأنه الإضرار بالأمن الديني للمجتمع، وما يسيئ إلى المذاهب والأديان ويسبب الفتنة الطائفية.
صحف المحور الإيراني أهانت الدكتور يوسف القرضاوي بالاساءة لأسرته، ورضيت عنه عندما كرر خطاب السيد نصر الله ضد مصر، وأعادت إليه لقب الفقيه والعلامة بعد أن طلب باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأن يكون الأسبوع القادم أسبوع صيام وابتهال لفتح معبر رفح!
وتستغل تلك الصحف التي تضم أيضا العربي الناصري والبديل “اليسارية” إتجاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما للحوار مع إيران، لتطلب من مصر أن تفعل الأمر نِفَسٌ ه، وأن تعترف بها قوة عظمى صاعدة وولي لأمر المسلمين خصوصا بعد أن أطلقت قمرها الصناعي!
في ذات الوقت ابتهجت بما صدر من أحد المسؤولين في طهران من أطماع نحو مملكة البحرين، وبأنها إحدى محافظات إيران، والغريب أن “القوميين والناصريين” هم أصحاب هذا الاحتفاء بالأطماع الفارسية في جزء من الأمة العربية!
وتوجه تلك الصحف حممها ضد العلاقات المصرية السعودية، وتتهم بلدها بأنها تخلت عن مكانتها المحورية في العالم العربي مستسلمة للدور السعودي!.. لعلنا نتذكر كيف أقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب قضية الطبيبين المصريين اللذين أدينا في السعودية لاتجارهما في المخدرات، وقبلهما فعلت الشيئ نِفَسٌ ه لأن فتاة سعودية من أم مصرية ارتكبت حادث تصادم في القاهرة!
ويتزامن كل ذلك مع حالة تسود الإعلام المصري تترجم بالفعل ما أبدعه الراحل يوسف شاهين في آخر أفلامه “هي فوضى”. فالقنوات الفضائية التي تبث برامج تحمل فكر ومبادئ ثورة الخميني تخضع لسيطرة وزارة الإعلام، وما يكتب ضد الرئيس مبارك من هجوم شخصي مثل ذلك الذي امتنعت الأهرام عن طبعه، يعاقب عليه القانون في أي دولة تتمتع بحريات كاملة وبحقوق إنسان مصانة.
والمثير للدهشة أن الوسط الصحافي المصري يتحدث عن صفقة ستتم قريبا يشتري بموجبها المهندس رشيد محمد رشيد الوزير في حكومة الحزب الوطني وعَضّوِ لجنة السياسات ومؤسس جمعية المستقبل التي يرأسها السيد جمال مبارك 49% من أسهم الشركة التي تمتلك صحيفتي الدستور وصوت الأمة، اللتين تشكلان رأس حربة الهجوم الضاري على ما يسمى بتوريث الحكم، إنقاذا لهما من الإغلاق بعد تراجع مبيعاتهما بشدة.
فعلا “هي فوضى” أو شيئ آخر يستعصي على فهمنا!